المرشد والرئيس في دستور إيران.. علاقة شاذة
الدستور الإيراني الفريد من نوعه في العالم يضع أبرز صلاحيات الرئيس السياسية والعسكرية والتنفيذية في يد المرشد
تكاد تكون إيران هي الدولة الوحيدة التي ينص دستورها على أن رئيس البلاد المنتخب شعبيا هو (الرجل الثاني) فيها، وينزع عنه صلاحيات أساسية؛ ليلقيها لقمة سائعة في حجر رجل الدين الأول في البلاد.
تختلف الآراء السياسية في العالم حول تعريف الدولة الدينية عموما، إلا أنه في إيران لا يوجد مجال للاختلاف، فالفقيه الديني هو الحاكم الأعلى للبلاد.
وتم وضع الدستور الذي ينص على ذلك عام 1979 فور ثورة الخميني، وتم تعديله بعد خلافات داخلية حتى تم إقرار الدستور المعدل 1989.
وبات الدستور الحالي يتكون من 14 فصلا و177 مادة، ومهمته الرئيسية الحفاظ على تغلغل الفكر الخوميني المذهبي في كل تفاصيل الحياة بإيران، والحفاظ على حصانة المرشد بزعم أنه "نائب المهدي المنتظر".
وبقراءة سريعة للمواد المتعلقة بصلاحيات المرشد الأعلى وصلاحيات رئيس الجمهورية يظهر الفرق الشاسع بين الاثنين، بحيث يصبح الرئيس في النهاية مجرد تابع للمرشد.
وظيفة وصلاحيات المرشد
يضم الفصل الثامن من الدستور المعنون بـ"القائد أو مجلس القيادة" صلاحيات ووظائف المرشد، وتنص المادة 107 فيه على أن اختيار القائد (أي المرشد الأعلى) تكون على يد مجلس الخبراء (مجلس الأوصياء) وهو المجلس القائم على مراقبة تنفيذ الدستور حرفيا، خاصة ما يتعلق بتطبيق مبدأ "ولاية الفقيه العامة".
أما عن صلاحيات المرشد، والتي تفوق صلاحيات رئيس البلاد فأوردتها المادة 110، ومن هذه الوظائف أنه يتولى القيادة العامة للقوات المسلحة.
ومن صلاحياته أيضا:
-رسم السياسات العامة لنظام إيران بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام.
-له صلاحية اختيار رئيس الحكومة
-الإشراف على حُسن تنفيذ السياسات العامة للنظام.
-إصدار الأمر بالاستفتاء العام.
-تعيين أو إقالة رئيس قيادات القوات المسلحة.
-تعيين وعزل وقبول استقالة كل من فقهاء مجلس صيانة الدستور، المسؤول الأعلى في السلطة القضائية، رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
-له سلطة إعلان الحرب والسلام والنفير العام.
-له صلاحية حل الخلافات بين أجنحة القوات المسلحة الثلاثة وتنظيم العلاقة بينها.
-توقيع مرسوم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من الشعب.
-يجب موافقته على المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية قبل مشاركتهم في الانتخابات.
-له صلاحية عزل رئيس الجمهورية بعد صدور حكم المحكمة العليا بمخالفته للدستور أو بعد تصويت البرلمان بعدم كفاءته.
-إصدار العفو أو تخفيف عقوبات المحكوم عليهم بناء على اقتراح من رئيس السلطة القضائية.
صلاحيات رئيس الجمهورية
في المقابل تتضاءل وظائف ومهام رئاسة الجمهورية حسب ما وردت في الفصل التاسع المعنون بـ"السلطة التنفيذية"، ففي المادة 113 من هذا الفصل يعرف رئيس الجمهورية بأنه "أعلى سلطة رسمية في البلاد بعد مقام القيادة"، أي هو الرجل الثاني بعد المرشد بنص الدستور، ومن صلاحياته أنه المسؤول عن تنفيذ الدستور، وهو رئيس السلطة التنفيذية، إلا في المجالات التي ترتبط مباشرة بالقيادة، أي أنها ليست صلاحيات مطلقة.
وهناك ملاحظات أخرى تتعلق بمزايا للمرشد لا يتمتع بها رئيس البلاد، تتعلق بفترة الحكم والمحاكمة والمحاسبة، ففي المادة 114 ولاية الرئيس محددة بـ 4 سنوات يجوز تمديدها مرة واحدة فقط، في المقابل فإن المرشد ليس لولايته حدود، فهي طوال العمر.
وتنص المادة 122 على أن رئيس الجمهورية مسؤول أمام الشعب والبرلمان والقائد، أي أنه يخضع للحساب أمام المرشد كما يخضع له أمام البرلمان، وبذلك يكون المرشد أخذ لنفسه صلاحيات قضائية وتشريعية ورقابية.
وتنص المادة 140 على إمكانية تقديم رئيس الجمهورية ونوابه والوزراء للمحاكمة في الجرائم العادية في المحاكم العامة، وفي المقابل لا يوجد نص في الدستور على محاكمة أو محاسبة المرشد في أي جرائم، إلا فيما يخص رصد ذمته المالية.
ومن الصلاحيات القليلة الأخرى المتروكة (نسبيا) لرئيس الجمهورية ،تعيين وعزل الوزراء وتحديد صلاحياتهم وبرنامج عمل الحكومة؛ باعتباره رئيسا لمجلس الوزراء.
مراجعة الدستور بأمر المرشد
وفي الفصل 14 المعنون بـ"مراجعة الدستور" تقول المادة 177 "يصدر القائد بعد التشاور مع مجمع تشخيص النظام أمرا إلى رئيس الجمهورية ينص على المواد التي يلزم تعديلها أو إضافتها"، أي أن رئيس الجمهورية مقيد فيما يخص مراجعة أي بند في الدستور إلا بأمر من المرشد.
ويعلو المرشد على رئيس الجمهورية حتى في التعامل مع العالم الخارجي، ويظهر بوضوح في بروتوكول استقبال خامنئي للضيوف الأجانب، بمن فيهم الرؤساء، ففي حين يجلس المرشد على كرسي منفصل خاص به وحده، يجلس رئيس البلاد إلى جانب الزوار الأجانب على كنبة أمام المرشد؛ ما يعني تضاؤل حجم الرئيس والزائر أمام المرشد.
وبالرغم من كل هذا "الشذوذ" في تحديد صلاحيات رئيس البلاد والفقيه الديني في الدستور الإيراني، إلا أن إيران دائما ما تصدر نفسها للعالم على أنها رمز من رموز الديمقراطية والحريات التي "يحسدها" عليها حتى العالم الغربي، على عكس الواقع الذي يجعل الدولة كلها "دمية في يد المرشد"
aXA6IDMuMTM1LjIwOS4xMDcg جزيرة ام اند امز