في المجرة التركية للاستبداد.. أردوغان يسجن ناشطاً بسبب "التسامح"
التوجه الاستبدادي للدول التي كان يعتقد أنها تعمل على توطيد الديمقراطية، يعتبر أحد أكثر الاتجاهات العالمية المقلقة في وقتنا الحالي
قال ستيفن كينزر، الباحث الأمريكي بمعهد واتسون للعلاقات الدولية في جامعة براون برود آيلاند، إن التوجه الاستبدادي للدول التي كان يعتقد أنها تعمل على توطيد الديمقراطية، يعتبر أحد أكثر الاتجاهات العالمية المقلقة في وقتنا الحالي، وبالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فهو النجم الكبير في مجرة الحكام المستبدين.
وأوضح كينزر، خلال مقال له بمجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أنه منذ الانقلاب عام 2016، كانت هناك تقديرات بأن 150 ألف موظف حكومي وجدوا على قدر غير كاف من الولاء لأردوغان وفصلوا من وظائفهم، من بينهم آلاف من أساتذة الجامعات والقضاء والمدعين، فضلًا عن إغلاق حوالي 200 وسيلة إعلامية، والآن تستأثر تركيا بحوالي ثلث الصحفيين المسجونين في العالم.
- برلماني تركي يهدد بالفوضى إذا لم يفز حزب أردوغان بالانتخابات المحلية
- عناوين موحدة وإدراج سوريين في القوائم.. خطة أردوغان لتزوير المحليات
وأشار الباحث الأمريكي إلى أنه عندما شن أردوغان حملته السياسية الشرسة في أعقاب الانقلاب الفاشل عام 2016، لم يتوقع الناشط المدني ورجل الأعمال عثمان كافالا أن يصبح هدفا.
وفي سبتمبر/أيلول عام 2017، أعرب الباحث التركي عن تشككه في اهتمام السلطات به، لكن بعد شهر ألقي القبض عليه، ليبقى خلف القضبان منذ ذلك الوقت، دون محاكمة وداخل حبس انفرادي، والتهمة: "محاولة تدمير النظام الدستوري".
وقال كينزر إن مجموعة من الكتاب الأتراك المنفيين والصحفيين والساسة الإصلاحيين أطلقوا حملة الآن للفوز بجائزة نوبل للسلام لصالح الناشط الأبرز في مجال الثقافة في البلاد.
وأوضح أنه في الظروف العادية، من المستبعد أن يمنح معهد نوبل النرويجي جائزته للسلام لسجين، فالقمع في دولة واحدة سيئة الحظ نادرًا ما يكون "كافيًا"، لكن يمكن أن يكون هذا العام مختلفًا، ويجب أن يكون مختلفًا، لافتًا إلى أن منح جائزة نوبل لكافالا سيسلط الضوء على انتهاكات الرئيس التركي.
وأكد الباحث الأمريكي في مقاله أن الفوز بجائزة نوبل للسلام لن يخفف من وطأة مأزق كافالا، مستشهدًا بما حدث مع الكاتب الصيني ليو شياوبو، الذي فاز بالجائزة عام 2010، ولم يطلق سراحه إلا بعد مرور سبع سنوات؛ بسبب حالته الصحية الحرجة.
لكن رأى كينزر أن هذا الأمر سيدعم المفكرين المسجونين داخل الدول التي تنزلق نحو الطغيان، كما أنه سيناسب عرف المعهد بمنح الجائزة لشخص يعد نموذجًا لأزمة عالمية.
ركز نشاط كافالا على توحيد الأتراك والأكراد والجيران الأرمن، وفي عام 2002، أنشأ مؤسسة تدير مركزًا للفنون في مدينة ديار بكر منذ أكثر من عشر سنوات ومجمعًا آخر في أسطنبول يضم الفنانين الذين يتناولون القضايا الاستفزازية.
وترعى هذه المؤسسة، التي يمولها كافالا جزئيًا، أيضًا عشرات المشروعات الأخرى، من بينها مدرسة ابتدائية للاجئين السوريين وأكاديمية كردية للأفلام وأوركسترا للشباب الأرمن والأتراك.
وأصبح كافالا هدفًا لأنه يمثل كل شيء يحاول نظام أردوغان طمسه، من مجتمع مدني مزدهر ومستقل والتسامح تجاه التنوع الفكري والاستقلال الثقافي للأكراد وغيرهم من الأقليات إلى التعاون مع الشبكات غير الحكومية في الخارج، بحسب ما كتبه داني رودريك الاقتصادي من جامعة هارفارد، أحد الزملاء السابقين لكافالا بعد اعتقاله.
وأشار الباحث الأمريكي إلى أن أزمة كافالا تعكس محنة الآلاف السجناء بسبب دفاعهم عن الديمقراطية ضد الأنظمة الشمولية، ومنحه الجائزة، سيكون حافزاً لجميع من هم في مثل وضعه.