عبدالمنعم سليمان
كاتب سوداني
كاتب سوداني
ليست حقيقة الحرب المشتعلة في السودان اليوم، كما يُروَّج لها، مواجهةً بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل هي في جوهرها صراع بين مشروعين متناقضين:
في زمن غلب فيه الصخب الإعلامي على صوت الحقيقة، تتكشف أمامنا حملة شرسة وممنهجة تستهدف دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر اتهامات باطلة تُردّد بلا بيّنة، تُحمّلها تبعات الحرب الدائرة في السودان التي أشعل فتيلها الإسلاميون في أبريل 2023.
لم تعد علاقة الحركة الإسلامية السودانية بالمؤسسة العسكرية موضع جدلٍ بين السودانيين.
عاد السودان مرة أخرى إلى دائرة الظلام، بعد أن تسللت قوى الإسلام السياسي من جديد إلى المشهد، لتعيد إنتاج الفوضى بوجه ديني زائف، رافعة رايات الدم، ومبشرة بجهاد جديد على أنقاض وطن منكوب.
لم تكن حرب الجيش الذي يسيطر على قيادته إخوان السودان بحاجة إلى دليلٍ إضافي على سقوطها الأخلاقي.
ربما تتجه خريطة الحرب في السودان نحو طورٍ أكثر عتمة، إذ يلوح في الأفق كابوسٌ جيوسياسيٌّ جديد ينذر بواقعٍ أشدّ قتامةً من فوضى السلاح والدم التي تخنق البلاد.
لم يكن خطابُ كامل إدريس، رئيسِ وزراء سلطة بورتسودان، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، سوى كِذبةٍ سافرة فاضحة، لا يلتبس زيفُها على بصير، لم تُوارِ سوأتَها زخرفةُ لفظٍ، ولم يَخْفَ عوارُها تَصنُّعُ النطق ولا فذلكةُ البيان.
يعيش السودان لحظةً تاريخيةً فارقة؛ فبين أنين الحرب المشتعلة وصيحات الملايين من الضحايا والنازحين، تتبدّى خارطة طريق جديدة قد تضع حدًّا لهذا النزيف المستمر.
هناك أيّام تمرّ على الأمم كما تمرّ الرياح على الرمال، لا تترك أثراً. وهناك أيّام تُكتب بحبر الدم والرجاء، تُنقش في ذاكرة الشعوب باعتبارها لحظات فاصلة بين الانكسار والانبعاث.