
عبدالمنعم سليمان
كاتب سوداني
كاتب سوداني
في مشهدٍ يعكس تداخل مسارات الإرهاب العابر للحدود مع تحولات السياسة في القرن الأفريقي، أعلنت السلطات النيجيرية أول من أمس عن توقيف اثنين من أبرز قادة جماعة "أنصار المسلمين في بلاد السودان".
لم يعد الخراب في السودان مشهدًا عابرًا من الحرب، بل تراكمًا كثيفًا لطبقات الدم والبارود، تتعانق فيه أطماع العسكر مع هذيان الأيديولوجيا، وتتشابك فيه رايات الدين مع أدوات الفتك.
في قلب الخراب، حيث تنام الخرطوم على أزيز الرصاص وتصحو على أنين الجوعى والمشرّدين، ارتفع صوتٌ مغاير من الخارج، لا تصدره المدافع ولا تصوغه البيانات الجوفاء، بل تصوغه المعاناة وتكتبه دماء الأبرياء.
على أطلال وطنٍ تناثرت فيه الجراح، يتأرجح السودان بين رماد الحرب وأملٍ يلوح في الأفق،
لم تكن كلمات الدبلوماسي الألماني فولكر بيرتس، الممثل الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، مجرد تحليل عابر لمسار الحرب، بل جاءت كصفعةٍ سياسية وأخلاقية مدوّية، تكشف المشهد كما هو، بلا أقنعة ولا مساحيق رمادية.
منذ أن أضرم "الإخوان" شرارة الحرب في السودان، وما لبثت أن تحوّلت إلى واحدة من أكثر الحروب الأهلية فتكًا وتعقيدًا في القارة الأفريقية، تكرّرت، على نحو شبه دوري، اتهاماتٌ موجّهة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة..
لم يكن تصريح مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية، الأسبوع الماضي، بشأن استحالة إنهاء الحرب في السودان عبر الحسم العسكري، مجرد اعتراف متأخر بحقيقة دامغة أثبتتها الوقائع..
في مشهدٍ يحمل مفارقاتٍ قاسية، اختارت سلطة الأمر الواقع في بورتسودان بداية شهر مايو/أيار الماضي أن تُصعِّد موقفها ضد دولة الإمارات، متوهِّمةً أن بإمكانها تطويع العدالة الدولية لغاياتٍ سياسيةٍ ضيّقة، لا تسندها حقائق، ولا تستقيم مع منطق القانون الدولي.
استيقظ العالم فجرَ أمس على صور القاذفة الأمريكية العملاقة B-2 وهي تقصف، في لحظة خاطفة، مواقع المفاعلات النووية الإيرانية في فوردو، وأصفهان، ونطنز. لم يرَ أحدٌ شيئًا سوى تجمّع الدخان والغبار فوق المواقع المدفونة في أعماق الأرض.