عبدالمنعم سليمان
كاتب سوداني
كاتب سوداني
في مقاله المنشور بصحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء 26 نوفمبر، حاول قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان ارتداء جبة رجل الدولة الذي يقاتل دفاعًا عن الشعب والوطن. غير أنّ ما كتبه لم يكن شهادة تليق بالتاريخ، بل محاولة فجّة لتزويره وإعادة ترتيبه على هواه.
لو أنّ المرء يختار اليوم الذي يغادر فيه الحياة راضيًا مرضيًا سعيدًا بخاتمته، لاخترتُ دون تردد اليوم الذي يُعلن فيه ـ أخيرًا، وبما يليق بحجم الحقيقة المطموسة طويلًا ـ تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية عابرة للحدود.
في زحمة الحرب المشتعلة في السودان بلا هوادة، وفي ظل الرؤية العالمية المشتتة بين أوكرانيا وغزة، يطلّ خطر بالغ الجسامة لا يكاد يُرى، أو لعلّ العالم لا يريد أن يراه.
ليست حقيقة الحرب المشتعلة في السودان اليوم، كما يُروَّج لها، مواجهةً بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل هي في جوهرها صراع بين مشروعين متناقضين:
في زمن غلب فيه الصخب الإعلامي على صوت الحقيقة، تتكشف أمامنا حملة شرسة وممنهجة تستهدف دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر اتهامات باطلة تُردّد بلا بيّنة، تُحمّلها تبعات الحرب الدائرة في السودان التي أشعل فتيلها الإسلاميون في أبريل 2023.
لم تعد علاقة الحركة الإسلامية السودانية بالمؤسسة العسكرية موضع جدلٍ بين السودانيين.
عاد السودان مرة أخرى إلى دائرة الظلام، بعد أن تسللت قوى الإسلام السياسي من جديد إلى المشهد، لتعيد إنتاج الفوضى بوجه ديني زائف، رافعة رايات الدم، ومبشرة بجهاد جديد على أنقاض وطن منكوب.
لم تكن حرب الجيش الذي يسيطر على قيادته إخوان السودان بحاجة إلى دليلٍ إضافي على سقوطها الأخلاقي.
ربما تتجه خريطة الحرب في السودان نحو طورٍ أكثر عتمة، إذ يلوح في الأفق كابوسٌ جيوسياسيٌّ جديد ينذر بواقعٍ أشدّ قتامةً من فوضى السلاح والدم التي تخنق البلاد.