عبدالمنعم سليمان
كاتب سوداني
كاتب سوداني
لقد وضع تقرير شبكة (CNN) الأخير المجتمع الدولي أمام مرآة الحقيقة التي لا يمكن مواراتها خلف أصابع التغاضي؛ فما يكابده السودان اليوم ليس مجرد صراع إرادات عسكرية أو حرب تقليدية بين جنرالين، بل فصل دموي مروّع، خُطّت مسودته في دهاليز النظام القديم.
ليست المآسي الكبرى في تاريخ الشعوب وليدة الصدفة، بل ثمرة كذب طويل، وصناعة متقنة للوهم، وتراكم متعمد للإنكار.
في خطوة يمكن وصفها بأنها لحظة انعطاف في مسار المواجهة الدولية مع التطرف، أقرت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي، الأسبوع الماضي، مشروع قرار يصنّف جماعة الإخوان المسلمين، بكل فروعها وتشعّباتها، منظمة إرهابية.
في مقاله المنشور بصحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء 26 نوفمبر، حاول قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان ارتداء جبة رجل الدولة الذي يقاتل دفاعًا عن الشعب والوطن. غير أنّ ما كتبه لم يكن شهادة تليق بالتاريخ، بل محاولة فجّة لتزويره وإعادة ترتيبه على هواه.
لو أنّ المرء يختار اليوم الذي يغادر فيه الحياة راضيًا مرضيًا سعيدًا بخاتمته، لاخترتُ دون تردد اليوم الذي يُعلن فيه ـ أخيرًا، وبما يليق بحجم الحقيقة المطموسة طويلًا ـ تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية عابرة للحدود.
في زحمة الحرب المشتعلة في السودان بلا هوادة، وفي ظل الرؤية العالمية المشتتة بين أوكرانيا وغزة، يطلّ خطر بالغ الجسامة لا يكاد يُرى، أو لعلّ العالم لا يريد أن يراه.
ليست حقيقة الحرب المشتعلة في السودان اليوم، كما يُروَّج لها، مواجهةً بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل هي في جوهرها صراع بين مشروعين متناقضين:
في زمن غلب فيه الصخب الإعلامي على صوت الحقيقة، تتكشف أمامنا حملة شرسة وممنهجة تستهدف دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر اتهامات باطلة تُردّد بلا بيّنة، تُحمّلها تبعات الحرب الدائرة في السودان التي أشعل فتيلها الإسلاميون في أبريل 2023.
لم تعد علاقة الحركة الإسلامية السودانية بالمؤسسة العسكرية موضع جدلٍ بين السودانيين.