بكالوريا الجزائر.. السجن 15 سنة عقوبة الغش وقطع الإنترنت احترازيا
السلطات الجزائرية تسن قانوناً جديدا لمحاربة ظاهرة الغش في التعليم والجامعات للمرة الأولى تصل عقوباته إلى 15 عاماً سجناً.. طالع التفاصيل عبر "العين الإخبارية".
تواصلت، الإثنين، ولليوم الثاني على التوالي، امتحانات شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) في الجزائر، بعد تأجيلها من شهر يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول بسبب جائحة كورونا.
وعلى مدار 5 أيام، يجتاز أكثر من 637 ألف طالب ثانوي امتحانات الانتقال إلى الجامعة التي تعد أهم محطة علمية في حياتهم، في مختلف التخصصات العلمية والتقنية والأدبية.
وتميزت امتحانات بكالوريا هذا العام بعدة معطيات جديدة عن الأعوام الماضية، طغت عليها جائحة كورونا، وكذا الإجراءات الصارمة الجديدة التي اتخذتها السلطات الجزائرية للمرة الأولى ضد ظاهرة الغش تصل عقوباته إلى 15 عاماً سجناً.
احتراز ضد كورونا
وللمرة الأولى، يشرف رئيس وزراء جزائري على انطلاق امتحانات شهادة البكالوريا بعد أن كان الإجراء مقتصراً على وزير التربية والتعليم، إذ تنقل الوزير الأول عبدالعزيز جراد إلى محافظة عنابة الواقعة شرقي البلاد، حيث أشرف على الإعلان الرسمي لبدء الامتحانات.
كما نشر "جراد" فيديو عبر صفحته الخاصة على موقع "تويتر"، وجه فيه عبارات تشجيعية متمنيا لطلبة البكالوريا النجاح، وأن يكونوا "قادة مستقبل الجزائر".
من جانبها، وضعت وزارة التربية والتعليم الجزائرية بروتوكولاً صحياً صارماً لحماية الممتحنين والأساتذة من فيروس كورونا المستجد، إذ يلزمهم بارتداء الكمامات والتباعد الجسدي.
كما خصصت كل المدارس الثانوية التي يمتحن فيها طلبة البكالوريا "قاعات خاصة لعزل الحالات المشتبه بإصابتها بكورونا" وأخرى لـ"أصحاب الهمم"، مع توفير المعقمات والمياه والكمامات ومواد التنظيف في كل المؤسسات التعليمية، وأجهزة قياس درجات الحرارة عند مداخل مراكز الامتحانات.
قانون ضد الغش
وللمرة الأولى في تاريخ البلاد، سنت السلطات الجزائرية قانوناً خاصاً ضد ظاهرة الغش في الامتحانات، تصل عقوباته إلى حد السجن والغرامات المالية، ما يعني انتقال عقوبات الغش من الإدارية إلى القضائية في سابقة لم تحدث قبل بالجزائر.
وكشفت وزارة التربية والتعليم الجزائرية عن النصوص القانونية الجديدة الواردة في قانون العقوبات الخاصة بالغش في الامتحانات، اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيلها، تضمنت عقوبات بـ"السجن من 5 أعوام إلى 10 أعوام"، مع غرامة مالية تصل إلى 1 مليون دينار جزائري (7783 دولار أمريكي).
ويهدف القانون، بحسب الوزارة، إلى ضمان نزاهة الامتحانات والقضاء على ظاهرة الغش وتجنب ضرب مصداقيتها، وهو القانون الذي سيطبق على جميع الامتحانات المصيرية في التعليم الجزائري وهي: الابتدائي (الإعدادي) والمتوسط والثانوي، وتشمل حتى امتحانات الجامعة والتكوين المهني.
ومن أبرز المواد الجديدة في قانون العقوبات الجزائري الخاصة بعقوبات الغش في الامتحانات، المادة 235 مكرر 6 التي حددت طبيعة العقوبات وأنواع تهم الغش.
وجاء فيها: "يعاقب بالحبس من عام إلى 3 أعوام وبغرامة من 100 ألف دينار (778 دولار) إلى 300 ألف دينار (2335 دولار) من قام قبل أو في أثناء الامتحانات أو المسابقات، بنشر أو تسريب مواضيع و/أو أجوبة الامتحانات النهائية للتعليم الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي أو مسابقات التعليم العالي أو التعليم والتكوين المهنيين والمسابقات المهنية الوطنية".
كما برزت في الأعوام الأخيرة ظاهرة غش من نوع آخر، تتعلق بـ"اجتياز أشخاص آخرين الامتحانات في أماكن آخرين"، وكذا تورط بعض الأساتذة المشرفين على الحراسة في عمليات الغش لصالح الطلبة، وهي الظواهر التي وجدت نصيبها في قانون العقوبات الجديد.
إذ أشارت المادة 253 مكرر7 أن "تكون عقوبة السجن من 5 أعوام إلى 10 أعوام، وغرامة من 500 ألف دينار (3891 دولار) إلى مليون دينار، إذا ارتكبت الأفعال المنصوص عليها في المادة السابقة من قبل الأشخاص المكلفين بتحضير أو تنظيم أو تأطير الامتحانات والمسابقات أو الإشراف عليها، أو من قبل مجموعة أشخاص أو باستعمال منظومة للمعالجة الآلية للمعطيات، أو باستعمال وسائل الاتصال عن بعد".
وحددت المادة الموالية (مكرر 8) طبيعة العقوبات بالسجن من 7 أعوام إلى 15 عاماً، مع غرامات مالية تصل من 700 ألف دينار (5448 دولار) إلى 1 مليون و500 ألف دينار (11 ألف و674 دولار)، إذا أدى ارتكاب الأفعال المذكورة في المادة السابقة إلى الإلغاء الكلي أو الجزئي للامتحان أو المسابقة".
قطع الإنترنت
ورغم أهمية امتحانات شهادة التعليم الثانوي لدى الطلبة وعائلاتهم، فإن كثيرا من الجزائريين باتو ينظرون لموعدها بكثير من المخاوف، نتيجة لجوء السلطات الجزائرية إلى قطع شبكة الإنترنت، وهو الإجراء الذي بات معمول به في الجزائر في الأعوام الـ5 الأخيرة، بعد تفشي ظاهرة تسريب أسئلة وأجوبة الامتحانات عبر مواقع التواصل.
ومنذ، الأحد، شهدت شبكة الإنترنت في الجزائر تذبذباً كبيرا، وانقطعت طوال فترات اجتياز طلبة البكالوريا لامتحاناتهم، مع "حجب كامل لموقعي فيس بوك وتويتر، وكذا واتساب وفايبر".
إلا أن ذلك أثار غضب كثير من الجزائريين، خاصة الذين يعتمدون على الشبكة العنكبوتية، كما تعطلت خدمات عدة مؤسسات وشركات حكومية نتيجة توقيف الأنترنيت.
وجاءت القرارات الصارمة للسلطات الجزائرية، بعد تفشي حالات الغش في امتحانات شهادة البكالوريا في السنوات الأخيرة، وانتشرت عبر منصات التواصل حينها فيديوهات ومشاهد لعمليات غش واسعة في عدد من المحافظات، بعضها كان بمساعدة الأساتذة المشرفين على الحراسة.
وذكرت وسائل إعلام محلية بأن عدم التحكم في الظاهرة خلال الفترة الماضية نجم عنه "نجاح جميع طلبة مدارس بأكملها في بعض المحافظات بشهادة البكالوريا"، وهو ما يعتبره الأكاديميون مصنفاً في خانة "تكريس الرداءة في قطاعي التعليم والجامعات".
سجن طالب وأستاذين
ولم تنتظر وزارة العدل الجزائرية كثيراً لتشرع في تطبيق القانون الجديد الخاص بمحاربة الغش في الامتحانات، حيث حصلت "العين الإخبارية" على تفاصيل عقوبات بالسجن تم تطبيقها على طالب وأستاذين بـ3 محافظات جزائرية بعد أن ضبطوا متلبسين بالغش وتسريب الامتحانات، استعانت خلالها الوزارة بفرق أمنية مختصة في محاربة الجريمة المعلوماتية.
وذكرت الوزارة في بيانات حصلت "العين الإخبارية" على تفاصيلها، أحكاماً قضائية ضد طالب بمحافظة قالمة (شرق) بالحبس سنة واحدة وغرامة مالية بـ100 ألف دينار، بعد إدانته بنشر الأجوبة المتعلقة بامتحان اللغة الغربية على فيس بوك.
وبمحافظة المسيلة (جنوب شرق)، أدانت المحكمة أستاذاً بالسجن المؤقت بعد قيامه بتسريب موضوع اللغة العربية باستعمال الهاتف النقال، وآخر بمحافظة الجلفة (جنوب) تورط في تشريب امتحان مادة الإنجليزية.
"ضحايا" صرامة القانون
وتحولت قصة طالبتين منعتا من اجتياز امتحانات شهادة البكالوريا إلى "قضية رأي عام في الجزائر"، عقب قرار مديرة ثانوية بمحافظة تمنراست (أقصى الجنوب) شقيقتين من الدخول إلى الثانوية نتيجة تأخرهما بنحو ساعة كاملة وفق رواية إدارة الثانوية.
وقررت إدارة الثانوية إقصاء الشقيقتين من اجتياز أهم امتحان في حياتهما، وهو ما أدى إلى انتشار حملة شعبية عفوية عبر منصات التواصل، انتقدت القرار وتضامنت مع الشقيقتين، ودعت إلى تخصيص امتحان خاص بهما لتدارك اليوم الأول.
غير أن مديرية التربية لمحافظة تمنراست استبعدت ذلك، وأشارت إلى "استحالة برمجة امتحان آخر للشقيقتين نتيجة تأخرهما"، وهو ما يعاقب عليه القانون الجزائري، إذ ينص على أن غياب الطالب عن امتحان ليوم واحد يقضي بحرمانه من اجتياز باقي الامتحانات في جميع المواد.
فيما قررت وزارة التربية والتعليم الجزائرية إرسال لجنة تحقيق إلى محافظة تمنراست للوقوف على أسباب إقصاء المترشحتين لشهادة البكالوريا.
واعترف والد الشقيقتين بخطأ ابنتيه في منشور تداوله الجزائريون عبر منصات التواصل، وهو المنشور الذي تفاعل معه الجزائريون لما احتواه على كلمات مؤثرة، كشف فيه عن حالتهما النفسية.
ومع زيادة التفاعل حول قضية إقصاء الشقيقتين، انقسم آراء الجزائريين بين حملات تضامن واسعة معهما، وأخرى اعتبرت أن "تطبيق القانون يجب أن يكون ثقافة راسخة في المجتمع وعلى الجميع"، وأعربوا عن استغرابهم لـ"الدعوات المطالبة بالتغيير الجذري في مقابل انتقادات على تطبيق القانون" وفق تعبيرهم.
في هذه الأثناء، كشفت وسائل إعلام محلية، الإثنين، إقصاء نحو 70 طالباً من اجتياز امتحانات الثانوية العامة بمحافظة الجلفة، بسبب تأخرهم، فيما أدانت محكمة الولاية ذاتها 3 طلبة بـ3 سنوات سجناً بعد اعتزامهم تسريب مواضيع الامتحانات.