صندوق النقد يخفض مستوى "تشاؤمه" حول اقتصاد الجزائر
صندوق النقد الدولي يعدّل توقعاته حول الاقتصاد الجزائري، الخاصة بالنمو والتضخم والبطالة والتمويل غير التقليدي.
خفف صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير من "جرعات التشاؤم" بخصوص الاقتصاد الجزائري لما تبقى من 2018 والعام المقبل، على عكس ما جاء في تقريره الصادر شهر يوليو الماضي.
- احتياطي الجزائر من النقد الأجنبي ينخفض 8 مليارات دولار
- تراجع العجز التجاري بالجزائر مدعوما بارتفاع صادرات الطاقة
انخفاض نسبة النمو
صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له حول الآفاق الاقتصادية العالمية، خفض من مستوى توقعاته الخاصة بنسبة نمو الاقتصاد الجزائري للعام الحالي، وتوقع أن تصل إلى 2.5% مقابل 1.4% في 2017، في وقت حدد سقف نمو الاقتصاد الجزائري في تقاريره السابقة بـ3.5%، فيما أبقى على توقعه لسنة 2019 الذي جاء في تقاريره السابقة والتي قدر فيها نسبة النمو بـ2.7%.
- صندوق النقد يرفع "مستوى التشاؤم" بشأن الاقتصاد الجزائري
- 10مليارات دولار استثمارات عملاق النفط الجزائري في 8 أشهر
وتوقعت الهيئة المالية العالمية في المقابل انخفاض العجز المزدوج للجزائر سواء العمومي أو الخاص بالميزان التجاري، اعتبارا من 2018 إلى 2020، على أن يصل عجز الموازنة إلى (- 6.9%) من الناتج المحلي الخام للجزائر مع نهاية العام الحالي مقابل (- 9 %) نهاية 2017.
فيما توقع أن يصل عجز الموازنة الجزائرية في 2019 إلى (- 5.8 %) و (- 4.5%) من الناتج المحلي الخام مع نهاية 2020.
وعن رصيد الميزان التجاري للجزائر، توقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع إلى (- 8.5 %) من الناتج المحلي الخام مع نهاية 2018، مقابل (- 12.8 %) في 2017، على أن يستمر في الانخفاض في العامين المقبلين إلى (- 7.2 %) و(-5.9 %) على التوالي.
تراجع التضخم
تقرير مؤسسة بروتون وودز الصادر شهر يوليو الماضي، حذر من ارتفاع قياسي لنسبة التضخم في الجزائر كنتيجة حتمية لتطبيق نمط التمويل غير التقليدي، غير أن التقرير الأخير أظهر "تفاؤلاً مفاجئاً" بحسب الخبراء وتناقضاً لتوقعاته السابقة.
وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته بشأن التضخم في الجزائر إلى 6.5% مع نهاية 2018 بدلاً من 7.4% التي توقعها في تقريره السابق، وأبقى على توقعه لسنة 2019 لتصل نسبة التضخم إلى حدود 6.7%.
ووفق بيانات رسمية جزائرية صادرة عن الديوان الجزائري للإحصائيات، فقد شهدت نسبة التضخم السنوي ارتفاعاً طفيفاً في يوليو/تموز الماضي، إذ بلغت 4.8%، مقارنة بـ 4.6% خلال الشهر المقابل من العام 2017.
وتوقعت الحكومة الجزائرية في موازنة 2019 التي صادق عليها مجلس الوزراء الجزائري نهاية الشهر الماضي، أن تبلغ نسبة النمو في الجزائر مع نهاية العام القادم 2.6% ومعدل تضخم بـ 4.5%.
تحذيرات من البطالة
في الوقت الذي تقدر فيه الحكومة الجزائرية نسبة البطالة الحالية في البلاد بـ 11.1%؛ أي ما يعادل مليوناً و378 ألف شخص، حذر التقرير الأخير لصندوق الدولي من ارتفاعها في الفترة المقبلة.
وتوقعت المؤسسة المالية العالمية أن تبلغ نسبة البطالة في الجزائر مع نهاية 2018 حوالي 11.6 % مقابل 11.7 نهاية 2017، على أن تستمر في الارتفاع في 2019 لتصل إلى 12.3%، ودعا صندوق النقد الدولي الحكومة الجزائرية إلى تعزيز القطاع الخاص وتفعيل الشراكة مع القطاع الحكومي، والتي من شأنها - بحسب التقرير - المساهمة في خلق فرص عمل تخفف الضغط عن سوق الشغل في البلاد.
توقعات إيجابية
أرفق صندوق النقد الدولي تعديل توقعاته الخاصة بالاقتصاد الجزائري في تقريره الأخير بجملة من التقييمات "الإيجابية" لمستقبل الاقتصاد الجزائري، واعتبر أن "الجزائر أمام نافذة من الفرص المهمة لبلوغ الهدف المزدوج الخاص بتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وترقية النمو المستدام".
وربط ذلك بارتفاع أسعار النفط وانخفاض المديونية الجزائرية التي لا تتجاوز 3 ملايين دولار، واعتبر في المقابل أن مخزون الصرف الجزائري "يبقى وفيراً ويدعم المالية العمومية تدريجياً"، رغم تآكلها المستمر في السنوات الأربع الأخيرة، والتي وصلت إلى 88.61 مليار دولار نهاية يونيو/حزيران الماضي.
وقدم صندوق النقد الدولي جملة من النصائح للحكومة الجزائرية، والتي تهدف بحسبه إلى التحكم في السياسات الاقتصادية من خلال تصويب التعديلات الهيكلية الذي يرى أنه "ضروري جداً"، للوصول إلى اقتصاد مدعوم من القطاع الخاص ومتنوع يسمح بتقليص التبعية للنفط، وفق ما جاء في تقرير الهيئة المالية.
واقترح التقرير على الحكومة الجزائرية تنويع وسائل التمويل، خاصة ما تعلق منها بإصدار سندات ديون عمومية بنسب السوق، وإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص، مجدداً دعوته لتمويل بعض المشاريع الاستثمارية من خلال الاستدانة الخارجية، وهو ما ترفضه الحكومة الجزائرية.
تمويل غير تقليدي "بإجراءات وقائية"
في الوقت الذي تكررت فيه تحذيرات صندوق النقد الدولي، في تقاريره السابقة من تداعيات تطبيق الجزائر نمط التمويل غير التقليدي لتمويل العجز في الموازنة، جاء التقرير الأخير "متفهماً" لخطوة الحكومة الجزائرية التي أكملت عامها الأول.
وجاء في التقرير أنه في حال الإبقاء على نمط التمويل غير التقليدي، فهذا يعني أنه "يجب أن يكون متبوعاً بإجراءات وقائية ملازمة للعملية"، وهي الإجراءات الوقائية التي قدمها التقرير على أنها "نصائح مهمة للحكومة الجزائرية".
وحصرها في ضرورة تسقيف حجم وزمن التمويل غير التقليدي وإرفاقه بتطبيق نسبة السوق عليه، تجنباً للمزيد من "المخاطر التي يشكلها هذا النوع من التمويل على القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع نسب التضخم"، كما جاء في التقرير.
وتسبب انهيار أسعار النفط منذ 2014 في أزمة اقتصادية بالجزائر وصفت بأنها الأشد في تاريخ البلاد، خاصة أن الاقتصاد الجزائري مصنف على أنه "ريعي"، إذ تعتمد الموازنة العامة للجزائر على 60% من عائدات المحروقات، و98% من صادراتها على النفط.
غير أن انتعاش الأسعار في الأشهر الأخيرة، جعل الحكومة الجزائرية تخفف من إجراءات التقشف، خاصة ما تعلق منها برفع التجميد عن عدد من مشاريع البنى التحتية في البلاد، في وقت تقول فيه الحكومة الجزائرية إنها تسعى لإيجاد مصادر دخل أخرى خارج قطاع المحروقات، خاصة في قطاعات الصناعة والفلاحة.
aXA6IDE4LjIyMi4xMTMuMTM1IA== جزيرة ام اند امز