أزمة بين الجزائر وتوتال وبوادر إلغاء الانتخابات الرئاسية والجيش يدعو للحوار الواقعي ووفاة معارض في السجن.. أبرز أحداث أسبوع الجزائر.
مضى الأسبوع الـ14 من عمر الأزمة السياسية في الجزائر بتطورات جديدة، كان أبرزها انتهاء آجال الترشيحات للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 4 يوليو/تموز المقبل بـ"مرشحين اثنين فقط"، وهو ما يعتبر بحسب القانونيين مؤشراً قوياً على إلغاء الانتخابات.
- أسبوع الجزائر.. الجيش يحذر "عصابة الفساد" وأدوار مشبوهة للإخوان
- أسبوع الجزائر.. فضائح مدوية للإخوان ودائرة تحقيقات الفساد تتوسع
في مقابل ذلك، جددت قيادة أركان الجيش الجزائري الدعوة لـ"حوار جدي وواقعي" مع النخبة والشخصيات الوطنية، متمسكة بالحل الدستوري للأزمة، وجددت رفضها للحلول السياسية التي حاول الإخوان الترويج لها.
وبالموازاة مع ذلك، تستمر التحقيقات القضائية والأمنية مع كبار المسؤولين في عهد الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة بتهم تتعلق بالفساد، فيما أشهرت الجزائر "الفيتو" ضد شركة "توتال" الفرنسية التي تسعى للاستحواذ على أصول شركة أناداركو الأمريكية في الجزائر.
ثاني انتخابات رئاسية في حكم الملغاة
وانتهت، السبت الماضي، آجال الترشيحات للانتخابات الرئاسية التي تقرر تنظيمها في 4 يوليو/تموز المقبل بـ77 مرشحاً محتملاً، لم يقدم إلا اثنان منهم ملفاتهما إلى المجلس الدستوري في سابقة هي الأولى من نوعها بالجزائر.
- خبير قانوني: تمديد للمرحلة الدستورية بالجزائر بعد إلغاء الانتخابات
- إعلام جزائري: الانتخابات الرئاسية في حكم الملغاة
وأكد خبراء قانونيون لـ"العين الإخبارية" استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد من الناحية القانونية بمرشحيْن فقط، سواء أكد المجلس الدستوري صحة ملفاتهما أو أقر بعكس ذلك.
ومنذ استدعاء الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح الهيئة الناخبة لموعد 4 يوليو/تموز المقبل، رفض المتظاهرون إجراء انتخابات "يُشرف عيلها رموز نظام بوتفليقة"، وتصاعدت مطالب الحراك الشعبي في الجمعتين الأخيرتين الداعية لإلغاء الانتخابات، ورحيل "الباءات الثلاث" ومحاسبة رموز الفساد في عهد بوتفليقة.
وقدم خبراء قانونيون فتوى دستورية عن السيناريوهات المتوقعة بعد إعلان إلغاء الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية بعد رئاسيات 18 أبريل/نيسان الماضي.
عامر رخيلة، العضو السابق في المجلس الدستوري الجزائري، قال لـ"العين الإخبارية" إن المادة 103 من الدستور الجزائري هي السند القانوني الذي سيعتمد عليه المجلس الدستوري في إلغاء الانتخابات، وتحديد موعد لها في أجل أقصاه 60 يوماً، مع التمديد للرئيس المؤقت بالفترة ذاتها.
وتنص المادة 103 من الدستور الجزائري على أنه "عندما ينال ترشيح للانتخابات الرئاسية موافقة المجلس الدستوري، لا يمكن سحبه إلا في حالة حصول مانع خطير يثبته المجلس الدستوري قانوناً أو في حالة وفاة المترشح المعني".
وتضيف "عند انسحاب أحد المترشحين من الدور الثاني، تستمر العملية الانتخابية دون أخذ هذا الانسحاب في الحسبان".
أما الفقرة التي سيستند إليها المجلس الدستوري من المادة نفسها في قرار إلغاء الانتخابات الرئاسية، فتذكر أنه "في حالة وفاة أحد المترشحين للدور الثاني أو تعرضه لمانع شرعي، يعلن المجلس الدستوري وجوب القيام بكل العمليات الانتخابية من جديد، ويمدد في هذه الحالة آجال تنظيم انتخابات جديدة لمدة أقصاها 06 يوماً".
وفيما يتعلق بانتهاء فترة رئاسة عبدالقادر بن صالح للجزائر مؤقتاً والتي تنتهي في 9 يوليو المقبل، أكد الدكتور رخيلة أن الفقرة الرابعة من المادة 103 "تؤكد بقاء بن صالح على رأس الجزائر مؤقتاً".
وجاء في الفقرة الرابعة من المادة 103 في الدستور الجزائري "عند تطبيق أحكام هذه المادة، يظل رئيس الجمهورية السارية عهدته أو من يتولى وظيفة رئيس الدولة، في منصبه حتى أداء رئيس الجمهورية اليمين"، كما ورد في الفقرة الرابعة من المادة 301.
الجيش يجدد دعوته للحوار وفق الأطر الدستورية
وعقب بروز مؤشرات إلغاء الانتخابات الرئاسية "كما كان متوقعاً" بحسب كثير من المراقبين، قدم قائد أركان الجيش الجزائري في كلمتين له خلال الأسبوع المنقضي خارطة طريق جديدة للمرحلة المقبلة، ترتكز على "الحوار الجدي والعقلاني لإجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن".
وشدد على "المخرج الدستوري" للأزمة، محذرا في المقابل من أطراف لم يسمها بـ"محاولة إطالة أمد الأزمة".
- الجيش الجزائري يفشل مخطط الإخوان "الانتقالي" ومحللون: أجندة مشبوهة
- رئيس أركان الجيش الجزائري: البلد في انتظار مخرج دستوري للأزمة
كما جدد قايد صالح رفض المؤسسة العسكرية للحلول السياسية التي تقترحها بعض الأحزاب السياسية خاصة ما تعلق منها بفكرة "المرحلة الانتقالية" التي روج لها إخوان الجزائر مؤخراً، وشكل موقف الجيش الجزائري الرافض لها والمحذر من تجاربها السابقة ومن الفراغ الدستوري "صفعة جديدة لهم" بحسب كثير من المراقبين.
وأكد قائد أركان الجيش الجزائري أن الحوار "طوق نجاة للجزائر"، داعيا النخب والشخصيات الوطنية إلى المشاركة فيه.
وحذر من العودة إلى سيناريوهات التسعينيات من القرن الماضي أو ما يعرف في الجزائر بـ"العشرية السوداء"، وهي المرحلة التي شهدت تغول الجماعات الإرهابية ضد الجيش والشعب الجزائرييْن، وخلفت مقتل نحو ربع مليون شخص.
وقال قايد صالح: "علينا كجزائريين أن نأخذ العبرة مما سبق من تجارب وما سبق من أحداث مأساوية غاب عنها العقل وكان الخاسر الوحيد، من جراء كل ذلك، هو الوطن، لهذا فإننا نشدد الإلحاح على ضرورة شعور كافة الأطراف بالمسؤولية وأن تجعل من الحوار طوق النجاة للوطن".
استمرار محاكمات رموز النظام السابق
وبموازاة ذلك، باشرت الإثنين الماضي، المحكمة العليا في الجزائر إجراءات متابعات قضائية ضد 12 مسؤولاً نافذاً سابقاً في عهد بوتفليقة، أبرزهم رئيسا الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال بتهم فساد مرتبطة بالتحقيقات مع رجل الأعمال علي حداد القابع في سجن الحراش منذ نهاية مارس/آذار الماضي، في سابقة هي الأولى من نوعها.
وأعلنت النيابة العامة لدى المحكمة العليا بالجزائر في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن التهم الموجهة لمسؤولين في الحكومة السابقة تتعلق بـ"صفقات وعقود مخالفة للتنظيم والتشريع المعمول به".
ومن أبرز المتهمين أيضا عبدالغني زعلان وزير النقل الأسبق ومدير حملة بوتفليقة السابق، عمار غول وزير النقل الأسبق (رئيس حزب تجمع أمل الجزائر – التحالف الداعم لبوتفليقة)، عمارة بن يونس وزير التجارة الأسبق (رئيس حزب الجبهة الشعبية - التحالف الداعم لبوتفليقة)، إلى وزراء سابقين في حكومات سلال وأويحيى المتعاقبة.
"العدل" الجزائرية تحقق في وفاة معارض بالسجن
شهد الأسبوع الماضي وفاة المعارض والناشط الحقوقي كمال الدين فخار، الثلاثاء، بمستشفى "فرانس فانون" بمحافظة البليدة (وسط الجزائر) عقب تدهور صحته في سجن محافظة غرداية (جنوب الجزائر)، إثر دخوله في إضراب عن الطعام منذ نحو شهر ونصف الشهر.
- محمد مدين.. جنرال الجزائر "الغامض" المتهم بـ"التآمر على الدولة والجيش"
- لويزة حنون.. لقاء "مشبوه" يبدد نضال 30 سنة للمرأة الحديدية بالجزائر
وأعلنت وزارة العدل الجزائرية الأربعاء فتح تحقيق "معمق" في ظروف ملابسات وفاة الناشط الحقوقي بعد نقله إلى مستشفى البليدة، كما ذكر بيان للوزارة الجزائرية اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله.
وخرج المئات من سكان محافظة غرداية في مظاهرات سلمية تنديداً بوفاة المناضل الحقوقي كمال الدين فخار، وطالبوا بفتح تحقيق "مستقل" عن ملابسات الوفاة، و"محاسبة المتسببين" في ذلك، وفق ما جاء في هتافاتهم.
الجزائر ترفض استحواذ توتال الفرنسية على أصول أناداركو
شهد الأسبوع المنتهي أزمة جديدة بين الجزائر وباريس، على خلفية رفض الجزائر استحواذ شركة "توتال" النفطية الفرنسية على أصول شركة "أناداركو بتروليوم" الأمريكية بحقل تندوف للغاز الواقع على بعد 1700 كيلومتر جنوب غرب البلاد.
- الجزائر ترفض استحواذ "توتال" على أصول "أناداركو بتروليوم"
- توتال تجري محادثات مع الجزائر بشأن أصول "أناداركو"
وهددت وزارة الطاقة الجزائرية بتطبيق قانون "الشفعة" الذي يسمح للجزائر الاستحواذ على أصول أي شركة ترغب في بيعها، رغم تأكيدها أنها تسعى "للإبقاء على علاقات جيدة مع الشركاء الأجانب لتطوير برامجها".
وزار باتريك بوياني المدير العام لشركة توتال الفرنسية الجزائر، الخميس، والتقى وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب، فيما اكتفى بيان عن الوزارة الجزائرية بالإشارة إلى أن المباحثات استعرضت العلاقات بين سوناطراك وتوتال وآفاق التعاون بينهما.
وتمثل حيازات أناداركو في الجزائر نحو 260 ألف برميل يوميا من النفط، بما يزيد على ربع إنتاج البلاد النفطي المقدر عند مليون برميل يوميا.