بين سقوط طائرة وانتشار وباء.. جزائريون يلقبون 2018 بـ"عام الكوارث"
"العين الإخبارية" تستعرض أبرز الأحداث التي مرت على الجزائر خلال السنة الماضية، وردود الفعل الشعبية، وأسباب وصف 2018 بـ"العام الشؤم"
عاشت الجزائر جملة من الأحداث المتلاحقة خلال 2018، بعضها جيد والآخر سيئ بقي راسخا في ذاكرة المواطنين الجماعية، لكن إجمالا يرى الجزائريون أن العام المنصرم "كان شؤما عليهم"، يتذكرونه بأرقام وحروف، ويأملون أن يكون 2019 عاما يحمل ذكريات "تنفخ في قلوبهم المزيد من الأمل".
- الجزائر 2018.. السنوات العجاف في مواجهة "معركة التصدير" المرتقبة
- 80 ألف شرطي لتأمين احتفالات رأس السنة في الجزائر
"العين الإخبارية" تستعرض أبرز الأحداث التي مرت على الجزائريين، وردود الفعل الشعبية عليها.
سقوط الطائرة العسكرية.. أكبر كارثة جوية في تاريخ الجزائر
يصف الجزائريون اليوم الذي استيقظوا فيه على خبر سقوط طائرة عسكرية بـ"الأربعاء الأسود"، إذ سقطت طائرة من طراز "إليوشن آي إل 76" بالقرب من مطار بوفاريك العسكري، قرب العاصمة الجزائر، يوم 4 أبريل/نيسان.
ويعد الحادث أكبر كارثة جوية في تاريخ الجزائر، وأدى إلى مقتل 257 راكباً على متن الطائرة، إذ لم ينجُ أحد من ركابها.
حزن عارم اجتاح جميع المحافظات الجزائرية، وشهدت عائلات الضحايا تضامنا شعبيا وعربيا وعالميا، واستقبلت البلاد عددا كبيرا من برقيات التعازي من قادة دول وفنانين ورياضيين.
ويتذكر الجزائريون تلك الفاجعة بالرقم "257"، ويجمعون على أنه "رقم شؤم" حل عليهم في 2018.
إحباط تهريب أكبر كمية كوكايين في تاريخ الجزائر
في النصف الثاني من شهر رمضان، وبالتحديد 30 مايو/أيار 2018، كان الجزائريون على موعد مع مشاهدة كارثة من نوع آخر، إذ أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، إحباط قيادة الدرك والمجموعة الإقليمية لحرس السواحل تهريب أكبر كمية من مادة الكوكايين إلى الجزائر.
- بالصور.. الجزائر تحبط تهريب 701 كجم من الكوكايين إلى أراضيها
- الرئيس الجزائري يقيل المدير العام للأمن بشكل "مفاجئ"
وذكر البيان أن "عملية مشتركة اكتشفت كمية ضخمة من مادة الكوكايين قُدرت بـ 701 كيلوجرام، كانت مخبأة بإحكام في حاوية على متن باخرة نقل البضائع قادمة من البرازيل في ميناء وهران"، غربي الجزائر.
الكمية التي تعتبر الأكبر من نوعها في تاريخ المنطقتين العربية والأفريقية، وصفها كثير من الجزائريين بـ"زلزال الكوكايين"، الذي سرعان ما أحدث زلزالا آخر في المشهد السياسي للبلاد.
وعلى خلفية حجز الكميات الكبيرة من الكوكايين، التي باتت تعرف في الجزائر بـ"701"، أقال الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عددا كبيرا من كبار القادة العسكريين والأمنيين، وتتبعت الجهات المختصة كثيرين قضائيا، بشبهة التورط في استيراد 701 كيلوجرام من الكوكايين.
وباء الكوليرا
تصدر انتشار وباء الكوليرا في الجزائر أخبار وسائل الإعلام العالمية، خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، بعد ظهوره في بعض المحافظات، من بينها الجزائر العاصمة، تيبازة، البليدة، والبويرة، مع حالات نادرة في محافظات غربية وشرقية للبلاد.
الوباء الذي أثار الرعب في كامل مناطق الجزائر، أصاب أكثر من 100 شخص في 5 محافظات جزائرية، وتسبب في وفاة 5 أشخاص، وبعد أيام من الغموض كشفت وزارة الصحة عن مصدر انتشار الكوليرا في البلاد.
وذكرت أن نتائج تحليل معهد باستور أكدت أن "مصدر انتشار وباء الكوليرا جاء من وادي بني عزة بمحافظة البليدة، التي سجلت أكبر عدد من الإصابات والوفيات".
وتسببت الكوليرا في إقالة والي محافظة البليدة مصطفى العياضي، على خلفية "تقصير في المهام"، كما ذكرت وسائل إعلام محلية، خاصة بعد تسجيل أكبر حالات إصابات في البلاد، بواقع 70 إصابة مؤكدة وحالتي وفاة.
عنف الملاعب
كثير من عشاق كرة القدم في الجزائر يقولون "إنهم لم يستمتعوا كثيرا بمشاهدة الدوري المحلي"، والسبب اجتياح ظاهرة العنف ملاعب كرة القدم الجزائرية بشكل لم تشهده سابقا.
- بالفيديو.. عنف الملاعب يعود للكرة الجزائرية
- بالفيديو.. أحداث مؤسفة في الدوري الجزائري بعد خماسية مولودية وهران
وكشفت ظاهرة العنف في الملاعب عن همجية غير معهودة لدى بعض أنصار كرة القدم بالجزائر، إذ سجلت 53 حالة عنف بالملاعب في 2018 بحسب إحصائيات للأمن، أدت إلى مقتل 5 أشخاص على الأقل، وإصابة 385 شخصا، من بينهم 105 شرطيين، وتخريب 66 سيارة، منها 53 تابعة لقوات الأمن.
الظاهرة دفعت المختصين والمعنيين برياضة كرة القدم في الجزائر إلى دق ناقوس الخطر، ودعوا إلى سرعة اتخاذ إجراءات عاجلة.
الحفلات ومواقف السيارات والبئر.. وقود جدل الجزائريين
يصف كثيرون 2018 بـ"سنة القضايا الجدلية" في المجتمع الجزائري، على خلفية عدد من الأحداث التي انقسم حولها المواطنون، وتسببت في اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي.
- الجزائر.. "صلاة الاحتجاج" على الحفلات الغنائية تثير جدلا واسعا
- سخط شعبي في الجزائر بعد مقتل شاب بسبب "موقف سيارات"
ومن أبرز تلك الأحداث، ما عُرف بـ"صلاة الاحتجاج"، التي زادت من سخونة صيف الجزائريين، وانطلقت من محافظة ورقلة، جنوب الجزائر، عندما أدى محتجون صلاة العشاء جماعة بالقرب من إحدى الحفلات الغنائية، التي احتجوا على إقامتها.
وأكد سكان ورقلة أن الصلاة لم تكن لإيقاف الحفل، بل تزامن احتجاجهم مع أذان العشاء، واتفقوا حينها على أداء الصلاة جماعة في ساحة قريبة من الحدث، ثم العودة لاستئناف الاحتجاج؛ لتنتشر صورهم عبر مواقع التواصل وتؤدي إلى "تشويه الحقيقة".
واعتقد كثير من الجزائريين أن سكان هذه المحافظة أوقفوا الحفل بـ"صلاة"؛ لتتحول بعدها إلى ظاهرة بعينها في محافظات الجلفة وتبسة وسيدي بلعباس والمسيلة، إذ نظم سكانها احتجاجا سمي بـ"صلاة الاحتجاج"، بإقامة صلوات جماعية أمام الحفلات الغنائية لإيقافها، وسط تباين موقف مستخدمي مواقع التواصل بين مؤيد ومعارض.
ظاهرة "مواقف السيارات غير القانونية" عادت بقوة أيضا خلال 2018، خاصة بعد مقتل سائح من منطقة الوادي، جنوب الجزائر، بمحافظة بجاية الساحلية، شرق البلاد، على يد حراس موقف سيارات عشوائي، بعد رفْض الضحية دفع مبلغ ركن سيارته المقدر بـ200 دينار جزائري أي (1.69 دولار أمريكي).
وتحولت الحادثة إلى قضية رأي عام في الجزائر، وسط مطالبات بضرورة معاقبة المجرمين، ووضع حد لمواقف السيارات العشوائية التي انتشرت في معظم المحافظات، وحديث الجزائريين عن ابتزاز "ممتهني مواقف السيارات" لأصحاب السيارات وتهديدهم بالأسلحة البيضاء؛ لدفع مبالغ كبيرة مقابل حراسة سياراتهم.
وأعلنت وزارة الداخلية القبض على المتهمين بقتل الشاب عيسى زوبير، وتوعد الوزير نور الدين بدوي بتوقيع أشد العقوبات على المجرمين، خاصة بعد ارتفاع حالات الاعتداء إلى أكثر من 100 حالة في 2018.
وآخر الحوادث التي خلفت موجة غضب في الجزائر، ما شهدته منطقة "أم الشمل" بمحافظة المسيلة نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد سقوط الشاب عياش محجوبي، 26 عاما، في "أنبوب مائي" يشبه البئر الارتوازية، وإعلان وفاته بعد 6 أيام قضاها داخل الأنبوب.
وبعد يومين من إعلان وفاته، نجحت فرق الحماية المدنية في استخراج جثة الشاب، وحمّل كثيرون السلطات المحلية مسؤولية عدم إنقاذ الشاب بسبب محدودية الإمكانيات، فيما تضاربت الأنباء حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى سقوط الشاب داخل البئر التي يصل عمقها إلى 100 متر، ولا يتعدى قطرها 40 سنتيمترا.
اكتشاف أثري عمره 2.4 مليون عام
ختام عام 2018 كان "تاريخيا" بالنسبة للجزائريين نتيجة الاكتشاف الذي وصفه العالم بـ"التاريخي والباهر"، ونشرته مجلة "Science" 29 نوفمبر/تشرين الثاني.
- اكتشافات أثرية في الجزائر عمرها مليونا عام
- بالصور.. مفاجأة تكشف لأول مرة.. حفيد ستالين "فنان تشكيلي جزائري"
وذكرت المجلة، في تقريرها، أن فريقا من الباحثين العالميين من مؤسسات بحثية بالجزائر وإسبانيا وفرنسا وأستراليا اكتشفوا آثار أدوات حجرية وعظام حيوانات بمنطقة "عين بوشريط" التابعة لمحافظة سطيف، شرق الجزائر، عمرها 2.4 مليون عام، كانت تستخدم في القطع، ما أثار التساؤلات عن مهد الإنسانية الأول، وإن كان أصل البشرية من منطقة شمال أفريقيا.
وتعود العظام التي عثر عليها العلماء إلى حيوانات كثيرة، من بينها تماسيح وأفيال وأفراس النهر، وجاء في تقرير المجلة أن "منطقة شرق أفريقيا تعتبر إلى حد بعيد موطن استخدام الأدوات الحجرية من الأجداد القدامي، والتي يعود تاريخ أقدم الأمثلة عليها إلى 2.6 مليون عام تقريبا"، ويُقصد بذلك موقع "غونا" في إثيوبيا الذي يعود تاريخه إلى 2.6 مليون عام.
وذكرت "Science" أن "النتائج الجديدة تجعل من عين بوشريط أقدم موقع أثري في شمال أفريقيا، إذ يوجد بالموقع دليل على استخدام لحوم أشباه البشر وأدوات حجرية مرتبطة بها، وتوحي بإمكانية اكتشاف أماكن مبكرة أخرى خارج صدع شرق أفريقيا".
واستنادا إلى دراسة العلماء، ذكر التقرير أنه "بعدما ظهرت الآن آثار أولدوانية يقدر عمرها بـ2.4 مليون عام في منطقة عين بوشريط، قد تكون منطقة شمال أفريقيا والصحراء مستودعا للمزيد من المواد الأثرية، وبناء على إمكانات عين بوشريط والأحواض الرسوبية المتاخمة لها، فإننا نرجح أنه من الممكن أيضا اكتشاف حفريات أشباه البشر وأدوات أولدوانية في شمال أفريقيا، يصل عمرها إلى عمر تلك المسجلة في شرق أفريقيا نفسها".
"الكاف".. أكثر الحروف شؤما عند الجزائريين
رغم مأساوية كثير من الأحداث التي عاشها الجزائريون في 2018، فإنهم وجدوا "تلك الثغرة" لتمرير سخريتهم المعهودة عبر أزماتهم، وأصبح معها حرف "الكاف" الأكثر شهرة والأسوأ في الوقت ذاته عند الجزائريين.
أولها كان "كاف الكوكايين"، ثم "كاف كبش العيد"، إذ عرفت أسعارها ارتفاعا كبيرا قبيل عيد الأضحى، و"كاف الكوليرا" الذي يصفه كثيرون بـ"مرض الحروب"، ثم "كاف كراريس الدخول المدرسي"، وأيضا عرفت أسعار المواد المدرسية ارتفاعا في سبتمبر/أيلول الماضي.
"كافات" كانت عند الجزائريين ملخصا لـ"كاف الكوارث" بمختلف أنواعها التي حلت على الجزائريين في 2018، والتي تعتبر من أسوأ السنوات التي مرت على البلاد في العشرية الأخيرة، ترجموها في هيئة سخرية ونكت على مواقع التواصل الاجتماعي، حاولوا من خلالها تجاوز صدماتهم المتلاحقة، والتعبير عن "كرههم المكبوت" لواقع أو تبعات أزمة أو رغبة جماعية في التغيير للأحسن، كما يرى كثير من المختصين في علمي الاجتماع والنفس.