لم يقتصر التدخل الإيراني في الشؤون اليمنية على تصدير للسلاح للحوثيين بل طالت الأجيال القادمة من خلال تصدير الفكر والكتب الطائفية
لم يقتصر التدخل الإيراني في الشؤون اليمنية خلال الأعوام الأخيرة على تصدير للسلاح للحوثيين من أجل التمرد والانقلاب على السلطة الشرعية فحسب، بل طالت الأجيال القادمة التي كانت هدفا أيضا لذلك الغزو، من خلال تصدير الفكر والكتب الطائفية.
وخلال الأيام الماضية، تمكنت قوات الأمن الحكومية في جمارك منفذ" شحن"، بمحافظة المهرة، شرقي اليمن، من إحباط محاولة تهريب كتب طائفية كانت في طريقها للقيادات الحوثية، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، شمالي البلاد.
ونقلت صحيفة "الوطن" السعودية الرسمية عن مصدر مطلع، أن الكتب المضبوطة تمت طباعتها في المجمع العلمي لأهل البيت في إيران، ومن أبرزها الكتاب المعروف بـ "كتاب أو قرآن فاطمة".
وتهدف إيران من وراء إرسال تلك الكتب إلى توزيعها على الأئمة المعينين من قبلهم، وتفخيخ المكتبات اليمنية بالفكر الاثني عشري الطائفي، إضافة إلى محاولة إلغاء كتب التربية الإسلامية السليمة من المدارس، وتعبئة النشء بتلك السموم الفكرية، وفقا للمصدر ذاته.
ومنذ أعوام يسير الانقلابيون الحوثيون على منوال إيران، حيث قاموا باستنساخ شعارهم من شعار الثورة الإيرانية "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، لكن الغزو الطائفي تزايد في العامين الأخيرين، وتحديدا منذ اجتياح الانقلابيين للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014.
وبعد الانقلاب على السلطة، كان الحوثيون في طريقهم لتحويل اليمن إلى حقل تجارب للفكر الطائفي الإيراني لولا أن عاصفة الحزم لم تقف في طريق طموحهم، وقال القيادي الحوثي، ورئيس ما يسمى بالمجلس السياسي، صالح الصماد، عقب عودته من زيارة طهران يناير/كانون الثاني 2015، إن إيران "ستفتح مراكز ثقافية في اليمن".
وقال الباحث اليمني المتخصص بالشؤون الإيرانية، عدنان هاشم لـ"بوابة العين الإخبارية"، إن تصدير إيران لفكرها جاء مبكراً مع تبني مؤسس الجماعة حسين الحوثي، والعشرات من أقرانه الذين فضلوا عدم العودة إلى اليمن بعد بدء حركته المسلحة عام 2004، لكنهم عادوا بعد ثورة 2011.
وحسب "هاشم"، فإن هؤلاء يمثلون العمق الإيراني داخل جماعة الحوثي نفسها، وهم من يسيّرون شؤون الحركة في كل المجالات السياسية والعسكرية والثقافية.
وتتبع إيران في تصدير فكرها الطائفي على تغيير الديموغرافيا من أجل الحصول على أفضل النتائج، فتحرص جماعاتها وأدواتها في المنطقة على التمركز في نطاق جغرافي لمعظم المعتنقين لفكرتها حتى لو أجبرت تلك الجماعات على طرد السكان الأصليين إما بشراء منازلهم أو محاربتهم وإيذائهم.
وترجم الحوثيون ذلك الفكر في معاقلهم الرئيسية بمحافظة صعدة شمالي اليمن، حيث قاموا بتضييق الخناق على كل مخالفيهم في الرأي، وتوجوا ذلك بتهجير الجماعات السلفية الدينية التي كانت تستوطن بلدة "دماج" منذ سنوات، لتبقى المحافظة بلون واحد يتبعهم فقط.
ولا يقتصر التدخل الإيراني على تصدير الكتب، فالحوزات الإيرانية تقوم بالتدريس لعشرات الحوثيين من أجل تأهيلهم لتدريس الأفكار الطائفية.
وتمنح إيران عشرات المنح الدراسية السنوية لليمنيين للدراسة في الحوزات والمراكز والمدارس والجامعات الشيعية في إيران، أبرزها "حوزة قُم" وكما تمنح العراق منح دراسية ليمنيين للدراسة "حوزة البصرة"، وعاد العشرات من تلك المنح الدراسية كعلماء في اليمن.
ولم تعتمد طهران على الكتب الطائفية التي تصدرها نحو اليمن، حيث أحكمت قبضتها على وسائل الإعلام التابعة لجماعة الحوثي الانقلابية، من خلال احتضانها قناتين فضائيتين تابعتين للجماعة هما قناتا "المسيرة" الناطقة باسم الجماعة، و"الساحات".
وتقع مقرات القنانين في بيروت تحت إشراف حزب الله اللبناني. وتبث المعتقدات الطائفية الشيعية التي تكررها وسائل الإعلام الإيرانية، وكذلك المسلسلات الإيرانية والأفلام" المدبلجة" التي تثير الصراعات الماضوية في الجيل الأول للمعتنقين للإسلام لإنعاش المظلومية والفرز الطائفي.
ويظهر مذيعو تلك القنوات بزي مشابه للنموذج المتبع في القنوات الإيرانية، الذي يستبعد "الكرافتة" من الزي الرسمي.
وكانت النساء أحد وسائل طهران للترويج للفكر الطائفي إضافة إلى الرجال، ومنذ عمليات التحالف العربي في مارس/آذار2015م تنشط إيران في اليمن من خلال زوجات يمنيين يحملن الجنسية (الإيرانية) إلى جانب (يمنيات) تخرجن من المراكز الشيعية الإيرانية.
ووفقا لمصادر "بوابة العين" فإن هؤلاء النساء يتحركن بسهولة بين اليمنيات للترويج للطائفية الإيرانية، ويظهرن أكثر نشاطاً من الرجال الحوثيين.
وكان المقاتلون الذين زج بهم الحوثيون في المعارك منذ اندلاع الحرب قبل نحو عامين، من أبرز ضحايا الفكر الطائفي الإيراني، حيث يتلقون محاضرات إيرانية وكتب طائفية تنعش المظلومية بداخلهم وتحرض على القتال وأن خصومهم داخل الأراضي اليمنية هي أمريكا وإسرائيل، وأن ما يقومون به هو امتداد لثورة الحسين بن علي.
وقال مصدر عسكري في الجيش الوطني لـ"بوابة العين"، إن الجيش الوطني والمقاومة، يعثرون باستمرار في المواقع التي يتم تحريرها من الانقلابيين، على كُتيبات وأوراق تمثل الفكر الإيراني الشيعي بينها ما يكتب بالفارسية.