كيف يحتل ألف داعشي تلعفر؟
نفس السؤال تردد حين تحدث التحالف إبريل/نيسان عن أن الموصل يوجد بها فقط ألف داعشي يحاصرون ويقتلون عشرات الآلاف من العراقيين
يتأهب عشرات الآلاف من القوات العراقية ومليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران لاقتحام مدينة تلعفر على الحدود مع سوريا بهدف طرد ألف عنصر من تنظيم داعش الإرهابي.
وإضافة إلى عشرات الآلاف هؤلاء يوجد كذلك عدد غير معلوم بعد من قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وخاصة في السلاح الجوي.
وتثير هذه الأرقام التساؤل حول كيف استطاع ألف فقط من عناصر داعش عام 2014 احتلال تلعفر والسيطرة على مؤسساتها وطرد الآلاف من سكانها، خاصة وأن الكثير منهم أيضا عناصر إرهابية أجنبية.
وكيف استطاع ذلك رغم وجود القوات العراقية والقوات الأمريكية والمليشيات الموالية لإيران وكذلك القوات الكردية "البيشمركة" والمنتشرة بكثافة في محافظة نينوى التي يتبعها كل من الموصل وتلعفر.
وحتى الآن ما زالت المؤسسات والمكونات العراقية تبحث عن اللغز وراء سرعة وسهولة سيطرة التنظيم الإرهابي على نينوى، وتتبادل إلقاء التهم حول من المسؤول عن "إفساح" الطريق لها.
ومؤخرا، كشف مسؤولون عراقيون عن أن عدد عناصر داعش في تلعفر صغير للغاية، كما كان في الموصل، ويدور حول الألف شخص.
فقد أعلن رئيس المجلس المحلي لقضاء تلعفر محمد عبد القادر في 8 من الشهر الجاري عن وجود "أكثر من 1000 عنصر من داعش في تلعفر، بينهم 600 من جنسيات مختلفة".
وقال في تصريح نشرته "وكالة أنباء الإعلام العراقي" إن نحو 400 عائلة من سكان تلعفر لا تزال في منازلها وسط مخاوف من أن يستخدمهم داعش كدروع بشرية، خاصة وأنه قام بتلغيم المنازل وزرع العبوات الناسفة في الطرق قبل انطلاق عمليات "تحرير" القضاء.
ورغم الحديث عن "سيطرة" داعش على تلعفر، إلا أنه نادرا ما يخرج تسجيل مصور تظهر تواجد داعش في المدينة، ومعظم أخبار داعش بداخلها تتردد في أرجاء وسائل الإعلام العراقية على لسان "مصدر محلي" مجهول.
وتقع مدينة تلعفر ضمن محافظة نينوى وعلى مسافة 55 شمال غرب الموصل وعلى بعد نحو 60 كلم من الحدود السوريةـ
واستولى مئات من تنظيم "داعش" على المدينة في 2014 بشكل سهل وسريع مثير للتساؤلات، وكان سكانها حين غزوها ما بين 250-350 ألف نسمة.
لغز الأرقام في معركة الموصل
وسبق أن ترددت أصداء لغز الأرقام هذا (الفرق الشاسع بين عدد عناصر داعش وعدد القوات المقاتلة ضده أو عدد سكان المدن التي يحتلها رغم أن الكثير منهم مسلح) في مدينة الموصل.
ففي إبريل/نيسان الماضي قال المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق الكولونيل جو سكروكا عناصر داعش في الموصل لا يتجاوز أعدادها الألف مقاتل.
وأضاف أنه في بداية معركة غرب الموصل (فبراير/شباط 2017) كان يوجد ألفان.
ورغم ضآلة هذا الرقم فإن تقارير الأمم المتحدة كانت تخرج بأن داعش طرد أكثر من 400 ألف من سكان المدينة.
كذلك تحدثت تقارير عن أنه قتل الآلاف من العراقيين.
عشرات الآلاف لطرد داعش
وبدأ الحديث يتكاثر عما يوصف بمعركة تحرير تلعفر عقب الإعلان عن تحرير الموصل يوليو/تموز الماضي، خاصة بعد إعلان داعش أنه نقل مقره إلى تلعفر، معلنا أنها مقر الولاية الجديد.
وأعلنت القوات العراقية على لسان القائد في "عمليات نينوى" العقيد أحمد الجبوري أنها حشدت 40 ألف مقاتل من الجيش والشرطة على تخوم قضاء تلعفر.
وإيذانا بقرب معركة تلعفر، أطلقت خلية الإعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة (تضم القوات العراقية وقوات التحالف الدولي)، أمس الجمعة، تسمية "قادمون يا تلعفر" على العملية العسكرية المرتقبة.
صراع دولي
وتتعدد الأطراف المشاركة في المعركة المرتقبة بتلعفر، وتختلف معاها المصالح حول هدف كل منها من المشاركة في المعركة ووضع موطأ قدم في المدينة.
فلتلعفر موقع استراتيجي على خريطة الممر الإيراني البري الذي تدشنه إيران للربط بينها وبين العراق وسوريا ولبنان، وتعد سيطرة مليشيا الحشد الشعبي الطائفية على المدينة هدف ملح لها.
وهذا الممر يبدأ من طهران ثم يتجه إلى شمال العراق (حيث تتواجد تلعفر) من بوابة بعقوبة، ثم يشق طريقه داخل الحدود إلى شمال سوريا حتى اللاذقية غربا على البحر المتوسط لتضع إيران موطئ قدم لها على الساحل، ثم ينحدر جنوبا إلى دمشق ولبنان.
وتسعى تركيا لإفشال التوغل الإيراني في تلعفر القريبة من حدودها، خاصة وأن جزءا كبيرا من سكان تلعفر تركمان تربطهم بتركيا روابط تاريخية.
ووقعت صدامات حادة بين الحكومتين التركية والعراقية في 2016 حين كشف الحشد عن نواياه اقتحام تلعفر عند انطلاق معركة تحرير الموصل، وأعلنت أنقرة أنها ستعزز وجودها العسكري عند شمال العراق ردا على هذا.
كذلك للمدينة أهمية استراتيجية للولايات المتحدة كي يكون لها موطئ قدم في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، وتستطيع من خلالها التحكم في تحركات ونفوذ إيران بحيث لا يكون مطلقا.