ترامب في الإمارات.. زيارة تاريخية تعزز الشراكة الاستراتيجية

زيارة تاريخية يجريها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دولة الإمارات، تعزز العلاقات المتنامية وشراكة البلدين الاستراتيجية.
علاقات تاريخية بدأت مع تأسيس دولة الإمارات قبل 54 عاما، وتطورت عبر التعاون المتواصل لتزداد قوة وعمقا بمرور السنين.
وتأتي زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإمارات في ختام جولة خليجية شملت السعودية وقطر بدأت في 13 مايو/أيار الجاري، في أول زيارة خارجية رئيسية له في ولايته الثانية، والأولى له لدولة الإمارات.
ووصف البيت الأبيض، زيارة الرئيس ترامب، إلى المنطقة بأنها تمثل "عودة تاريخية إلى الشرق الأوسط"، التي بدأ فيها زياراته الدولية خلال ولايته الأولى عام 2017، متحدثا عن جهود تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وهذه الدول.
وقالت المتحدثة الصحفية باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، في تصريحات صحفية: "بعد 8 سنوات، عاد الرئيس ترامب ليؤكد رؤيته المُستمرة لشرق أوسط فخور ومزدهر وناجح، حيث تقيم الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط علاقات تعاون، وحيث يتم هزيمة التطرف ليحل محله التبادل التجاري والثقافي".
وأضافت ليفيت أن الرئيس ونظراءه سيسلطون الضوء على "رؤية مشتركة للاستقرار والفرص والاحترام المتبادل".
قمة مهمة
ويعقد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مع الرئيس ترامب خلال الزيارة، قمة تتناول علاقات الصداقة التاريخية التي تجمع البلدين وسبل تعزيز تعاونهما وشراكتهما الاستراتيجية في جميع المجالات، إضافة إلى تبادل وجهات النظر بشأن مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
ويرتقب أن تسهم المباحثات التي تشهدها الزيارة في دفع العلاقات التاريخية بين البلدين إلى آفاق أرحب ودفعها نحو المزيد من التعاون المثمر لما فيه صالح البلدين والمنطقة والعالم أجمع.
وتعد هذه ثاني مباحثات بين الزعيمين خلال أقل من شهرين، بعد المباحثات الهاتفية التي جرت بينهما 25 مارس/آذار الماضي ، وتم خلالها بحث العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين والعمل على تعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة، في إطار الشراكة الممتدة التي تجمع البلدين.
كما استعرض الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وفي مقدمتها التطورات في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المبذولة تجاه وقف إطلاق النار في قطاع غزة والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حرص دولة الإمارات على مواصلة تعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة بما يخدم الأهداف التنموية المشتركة للبلدين ويدعم السلام والازدهار في المنطقة والعالم وذلك انطلاقا من نهج الدولة الثابت تجاه دعم التعاون والتنمية على المستويين الإقليمي والعالمي.
أيضا يعد اللقاء الذي يجمع الزعيمين هو الثاني خلال 8 أشهر، بعد اللقاء الذي جمعهما خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، خلال فترة ترشح ترامب للانتخابات الرئاسية.
وتطرّق الجانبان خلال اللقاء إلى العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين الصديقين، كما تبادلا وجهات النظر بشأن عدد من الموضوعات والقضايا محل الاهتمام المشترك.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن العلاقات الإماراتية - الأمريكية ترتكز على رؤية مشتركة للتقدم والازدهار منذ قيامها قبل أكثر من 50 عاماً، وتشكل الشراكة التنموية ركيزة أساسية لهذه العلاقة، معبراً في هذا السياق عن تقديره لجهود دونالد ترامب في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة.
وأكد الجانبان أن هذه الزيارة تجسد الحرص المشترك على استمرار العمل من أجل ترسيخ الشراكة الدائمة بين البلدين.
وحققت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان آنذاك نتائج بارزة، كان من بينها إعلان واشنطن دولة الإمارات العربية المتحدة «شريكاً دفاعياً رئيسياً» للولايات المتحدة، لتكون أول دولة عربية وشرق أوسطية تحصل على مثل تلك الشراكة مع الولايات المتحدة، وثاني دولة في العالم بعد الهند التي تعد «شريكاً دفاعياً رئيسياً» للولايات المتحدة.
ويؤكد هذا الأمر التقدير الأمريكي الكبير للدور المسؤول الذي تمارسه دولة الإمارات في محيطها العربي والإقليمي، وانخراطها الفاعل في حل أزمات المنطقة، فضلاً عن مواقفها المتوازنة إزاء القضايا ذات الصلة بالأمن والسلم الدوليين.
جاء الإعلان عقب قمة جمعت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الأمريكي -آنذاك- جو بايدن في البيت الأبيض.
رسائل ودلالات
ويحمل حرص الرئيس ترامب على زيارة الإمارات ضمن أول زيارة خارجية رئيسية له في ولايته الثانية، العديد من الدلالات المهمة أبرزها:
- الحرص على تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع دولة الإمارات.
- تقدير الرئيس ترامب للقيادة الإماراتية ودورها البارز في دعم الأمن والاستقرار ونشر السلام في المنطقة والعالم والحرص على التشاور معها والاستماع لرؤيتها بهذا الشأن، بما يسهم في تحقيق الأمن الإقليمي وفي حماية السلم والاستقرار الدوليين.
- التقدير الأمريكي لدور الإمارات بوصفها نموذجا يحتذى به في المنطقة في مختلف المجالات التنموية والاقتصادية والسياسة الخارجية.
وقد عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنفسه في تصريحات صحفية عن هذا التقدير للإمارات وقيادتها، مؤكدا أن دولة الإمارات "مهمة جداً"، وأن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "قائد عظيم".
زيارات متبادلة
وتعزز زيارة ترامب الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين البلدين، في ظل حرص مشترك على تعزيزها عبر زيارات متبادلة ومباحثات متواصلة لمسؤولي البلدين.
وتأتي زيارة الرئيس ترامب إلى الإمارات بعد أقل من شهرين من إجراء الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، زيارة عمل إلى واشنطن، 17 مارس/آذار الماضي، التقى خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعددا من المسؤولين، ورؤساء وقادة شركات عالمية.
وبحث الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان والرئيس الأمريكي، آفاق الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، وسبل تعزيزها بما ينعكس إيجاباً على المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.
وجاءت زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان بعد أقل من شهر من استقبال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في فبراير/شباط الماضي، لوزير خارجية الأمريكي، ماركو روبيو، في أول زيارة له للإمارات عقب توليه مهام منصبه.
وبحث الجانبان خلال اللقاء، علاقات التعاون والعمل المشترك بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات المختلفة بما يحقق مصالحهما المتبادلة.
كما تطرق اللقاء إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، والتطورات في منطقة الشرق الأوسط، خاصة المستجدات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمساعي المبذولة تجاه الأزمة في قطاع غزة وتداعياتها على السلام والاستقرار والأمن الإقليمي.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات أهمية العمل على تجنّب توسيع الصراع في المنطقة، بما يهدد السلم الإقليمي.
وقبل، شهر، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وفداً من الكونغرس يضم السيناتور جوني إيرنست عضو مجلس الشيوخ وديبي واسرمان شولتز عضو مجلس النواب الأمريكي.
وتناول اللقاء -الذي جرى في قصر الشاطئ في أبوظبي 12 أبريل/نيسان الماضي- علاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي الذي يجمع دولة الإمارات والولايات المتحدة والحرص المتبادل على تعزيز شراكاتهما ودفعها إلى الأمام بما يخدم مصالحهما المشتركة ويلبي تطلعات شعبيهما الصديقين.
كما تطرق اللقاء إلى عدد من القضايا والموضوعات التي تتصل بالأمن والاستقرار الإقليميين والعمل المشترك لترسيخ السلام في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع لصالح شعوبه وتنمية دوله.
جاءت تلك الزيارة بعد يومين، من استقبال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لكريس رايت وزير الطاقة الأمريكية في 10 أبريل/نيسان الماضي.
وبحث الرئيس الإماراتي مع وزير الطاقة الأمريكي ـ خلال اللقاء الذي جرى في قصر الشاطئ في أبوظبي - علاقات التعاون الاستراتيجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، خاصة في مجالات الطاقة والاستثمارات المشتركة في التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والنمو الاقتصادي المستدام إضافة إلى إيجاد فرص جديدة تعزز الاستثمار في قطاع الطاقة.
علاقات تاريخية
وتتوج زيارة ترامب للإمارات العلاقات الاستراتيجية بين البلدين ، التي حافظت على عمقها وثباتها منذ البدايات، إذ تعد الإمارات من أبرز الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والعالم.
وتعد الزيارة علامة فارقة ومحطة تاريخية مهمة في مسار العلاقات بين البلدين.
وتأسست العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة بعد فترة وجيزة من قيام اتحاد دولة الإمارات عام 1971، وتم تدشين سفارة الإمارات في واشنطن عام 1974، كما تم افتتاح سفارة الولايات المتحدة في أبوظبي خلال العام نفسه.
وكانت الولايات المتحدة الدولة الثالثة التي تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع دولة الإمارات.
وطيلة هذه الفترة شهدت العلاقات نقلة نوعية في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والعسكرية.
وشهدت هذه الشراكة محطات تاريخية كثيرة، كان من أهمها توقيع البلدين عام 2009 اتفاقية المادة 123 التي تعنى بالتعاون النووي، واعتُبرت قاعدة ذهبية لتعزيز المعايير الدولية بشأن عدم الانتشار النووي، إلى جانب تعزيز الأمن والأمان في العالم.
وأتاحت «اتفاقية 123» التاريخية لدولة الإمارات تطوير برنامجها لإنتاج الطاقة النووية السلمية، الذي يزوّد حالياً مراكز البيانات في سائر أنحاء الدولة بطاقة نظيفة وكهرباء منخفضة الانبعاثات.
تعاونٌ انطلق إلى آفاق أرحب عقب إطلاق الحوار الاستراتيجي الإماراتي- الأمريكي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، في حدث يستهدف تعزيز التفاهم وتعميق العلاقات الثنائية، وذلك بعد نحو عام من بدء سريان اتفاقية التعاون الدفاعي بين البلدين.
وتولي دولة الإمارات أهمية كبيرة لتعزيز علاقات التعاون المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات وتعزيزها بما يحقق تطلعات قيادتي البلدين الصديقين وشعبيهما وفق أسس راسخة من الاحترام المتبادل والثقة والمصالح المشتركة.
وتعد الإمارات من أبرز شركاء الولايات المتحدة في المنطقة والعالم، إذ يلتزم البلدان بالتعاون والسعي المستمر لتعزيز الأمن الإقليمي والعالمي، وتحقيق الازدهار الاقتصادي، ومواجهة التحديات في مختلف أرجاء العالم.
aXA6IDMuMTcuNzkuMTk1IA==
جزيرة ام اند امز