بمشاريع صغيرة ومربحة جدا.. شباب غزة يكسرون قيود البطالة
دفع غياب فرص الوظائف الرسمية، خريجين فلسطينيين من غزة؛ لخوض تجارب خاصة لكسر قيود البطالة بحرف مهنية وأعمال خاصة.
بعد نحو عامين من تخرجه من كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، شق الشاب مؤمن أبو شهلا (24 عامًا) من سكان جنوب قطاع غزة، طريقه في عالم العمل الخاص، بعد أن أوصدت أمامه أبواب فرص العمل في القطاعين الحكومي والخاص.
كسر قيود البطالة
مستفيدًا من هواية فنية لديه، خاض أبو شهلا غمار تجربة نجارة الأنتيكات، وسرعان ما تحولت إلى مشروع صغير كسر به قيود البطالة.
وقال أبو شهلا لـ"العين الإخبارية": "تخرجت بتخصص محاسبة عام 2018، حاولت البحث عن فرصة عمل بلا جدوى، لذلك كانت الأنتيكات طريقي للخروج من حالة البطالة".
وأشار إلى أنه تقدم لمشروع عبر مؤسسة مجتمعية، لصناعة الأنتيكا وتدوير الخشب، وخصص جزءًا من منزله مكانًا لمشروعه الصغير.
- تصاريح التجار تعيد الأمل لاقتصاد غزة المحاصر بـ"البطالة"
- البطالة والفقر في العراق.. كابوس يطارد أحلام الباحثين عن فرصة للعيش
وعبر أدوات نجارة يحول مؤمن القطع الخشبية إلى أنتيكات وقطع فنية وأشكال تستخدم كمكملات الديكور المنزلي سواء الديكورات الداخلية أو الخارجية، من الأخشاب المصنعة أو الطبيعية.
وذكر أنه فوجئ من حجم التشجيع الذي لقيه مشروعه الذي يحلم أن يكبر ويتحول إلى شركة كبيرة، مشيرا إلى أنه ينتج مواده ويعرضها في جزء من المنزل، ويسوقها عبر منصات مواقع التواصل.
وأكد أن منتوجاته وجدت رواجا شجعه على المضي في المشروع وإنجاز المزيد من القطع والتحف التي يتراوح إعدادها بين النحت والتشكيل والتركيب إلى جانب استخدام الألوان.
ويوضح أن منتوجاته تتمثل في قطع فنية تستخدم للديكور أو الاستخدام المنزلي مثل ساعات حائط، وتحف أنتيكا، ومقاعد وطاولات ورفوف خشبية، وأباجورات مضيئة، ومداليات، وأدوات موسيقية كالعود والجيتار، وستاندات ملابس وغيرها.
غزيات ينافسن بالزراعة
تحدي البطالة بالمشاريع الخاصة لم يقتصر على الشبان، بل خاضت غماره عدد من الفلسطينيات رغم الظروف الصعبة والتقاليد المجتمعية.
فاطمة بركة (24 عامًا)، وبيسان قديح (32 عامًا) وهما سيدتان متزوجتان ولديهما عدد من الأطفال ومع ذلك خاضا تجربة إنشاء مشروع زراعي خاص يتمثل في زراعة محصول البروكلي النادر لتسويقه عبر المولات والأسواق المختلفة.
وتقول بركة خريجة إدارة أعمال، لـ"العين الإخبارية": إن غياب فرص العمل الرسمية، دفعها للتفكير بمشروه خاص قبل أن تقرر خوض التجربة مع صديقتها بيسان وزراعة أرض زراعية قريبة من منزليهما، بالبروكلي.
والبروكلي هو القرنبيط الأخضر ويسمى أيضا القرنبيط الأسود أو البَرْكولي، وهو أحد نباتات الفصيلة الصليبية وهو من مجموعة الملفوف والقُـنَّـبِـيط، غني بالمواد المضادة للأكسدة والتي تحمي الخلايا من التلف والسرطان، يحوي على كميات وافرة من المعادن والفيتامينات الأساسية.
واختارت الصديقتان زراعة البروكلي بعد جملة استشارات كونه محدود الزراعة والطلب والرواج بغزة.
وتمكنت الصديقتان بعد 60 يوما من العمل والتعب على أول حصاد من مساحة أرض مساحتها دونم من أصل 3 ستتم زراعتها لاحقًا بالبروكلي ومحاصيل أُخرى في مرحلة مقبلة.
وعبرت بيسان وهي خريجة لغة عربية عن سعادتها بهذا الإنجاز والحصاد، مشيرة إلى أنهم يعملون على تسويق المنتج في المولات التجارية الكبيرة، حيث يرتادها فئات تدرك الفوائد الصحية لهذه الثمرة.
فجوة سوق العمل
ويؤكد الخبير الاقتصادي أسامة نوفل، أن هذه التجارب تعكس حجم الفجوة بين خريجي الجامعات وسوق العمل المتاح.
وقال نوفل لـ"العين الإخبارية": "الجامعات تخرج عشرات آلاف الطلبة سنويا دون أن تراعي احتياجات السوق للتخصصات.
وأشار إلى أن نسبة البطالة في صفوف خريجي الجامعات بغزة هي الأعلى وتصل إلى 70 % في حين معدل البطالة العام في غزة يبلغ 49 %، بمعنى أن 30 % فقط من خريجي الجامعات يجدون فرص عمل.
ورأى أن ذلك يعود إلى عدم قدرة السوق على استيعاب الخريجين، وكذلك غياب التخصصات المطلوبة للسوق مثل التخصصات المهنية والتقنية وهي التي تعطي السوق قوة.
وأكد أن أعدادا كبيرة من خريجي الجامعات يتجهون لتنمية مهاراتهم في تخصصات مهنية وتقنية لمساعدتهم في إقامة مشاريع خاصة أو العمل عن بعد، مشيرا إلى أن أعلى نسب البطالة بين خريجي الجامعات يتركز في خريجي كليات التجارة والتربية وعلم النفس.
وقال: إن العمل الخاص وعن بعد يحتاج لمهارات عالية جدا لتساعد الشباب على القدرة على المنافسة والصمود في سوق غزة الذي يعاني تدهورا من الأصل.
وختم بقوله: من يمتلك مهارات عالية مع قدرة على التسويق يستطيع بأموال قليلة أن يبني مشروعه ويشق طريقه نحو النجاح، رغم البيئة الخطرة للاستثمار في غزة في ظل الحصار وارتفاع مستويات الفقر.