دخلت انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي، مراحل حاسمة، مجددة الصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين وكمؤشر لانتخابات الرئاسة 2024.
وهذه الانتخابات تجرى كل سنتين، تزامنا مع منتصف فترة ولاية الرئيس الأمريكي الممتدة لأربع سنوات، وينتظر الناخبون بفارغ الصبر هذه المرة للمشاركة بها في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وتشمل انتخابات التجديد النصفي 3 محطات رئيسية هي (مجلس النواب - مجلس الشيوخ - حكام الولايات)، والتي يصوت الناخبون على اختيارات بين مرشحين في الغالب ينتمون للحزبين الأكبر بالولايات المتحدة (الديمقراطي والجمهوري).
ببساطة يضم الكونغرس الأمريكي مجلسين هما (النواب) وبه 435 عضوا عن جميع الولايات، وبطبيعة الحال كل ولاية حسب عدد مواطنيها، ثم (الشيوخ) ويحتضن 100 سيناتور. وتستمر مدة أعضاء مجلس النواب لعامين فقط.
أما مجلس الشيوخ فتستمر مدة الأعضاء فيه لست سنوات، ويصوت الناخبون الأمريكيون كل عامين - أي مع الانتخابات النصفية - على ثلث "الشيوخ". إضافة إلى تصويت ثالث يرتبط بالولايات الخمسين، حيث يتم اختيار حكام جدد لـ36 ولاية.
ومع إجراء انتخابات التجديد النصفي يوم الثلاثاء، تستعرض "العين الإخبارية" ملفا كاملا حول كل ما يتعلق بهذا التصويت من واقع كل الأرقام والمؤشرات:
ليست مجرد تصويت نصفي
مجلة نيوزويك الأمريكية وفي تقرير سابق لها قبل أيام اعتبرت أن الانتخابات النصفية المقبلة "أكثر من مجرد إعادة توزيع لمقاعد الكونغرس" بالنسبة للرئيس جو بايدن، مرجعة ذلك إلى أن نتائجها ستشكل ملامح الفترة المتبقية من ولاية الرئيس الأمريكي الأولى في المنصب.
انتخابات نصفية انطلق معها بالفعل السباق الانتخابي نحو البيت الأبيض، ما يعني إجبار جو بايدن على البدء في وضع الأساس لمحاولة إعادة انتخابه في حالة قراره فعليا بالترشح مرة أخرى.
وتتزايد التوقعات بأن يكون الديمقراطيون في مجلس الشيوخ في وضع دفاعي خلال العامين المقبلين، وسط مؤشرات عن تقلص فرصهم في الاحتفاظ بمجلس النواب أو تحسين وضعهم في مجلس الشيوخ، حيث سيكون 23 ديمقراطيًا على وشك إعادة انتخابهم في عام 2024، مقارنة بعشرة أعضاء جمهوريين فقط.
التفاصيل الكاملة في هذا الرابط:
انتخابات الكونغرس أكثر من مجرد اقتراع.. أسباب توضح أهميتها
4 ولايات أمريكية حاسمة بالانتخابات
لا حديث بين محللي انتخابات التجديد النصفي سوى عن "الولايات الأربع" الحاسمة التي ستحدد هوية الحزب الذي سيسيطر على مجلس الشيوخ.
ولعل سباقات مجلس الشيوخ في أريزونا ونيفادا وجورجيا وبنسلفانيا تمثل ساحات التنافس الفاصلة في المعركة على الغرفة العليا للكونغرس، والمرشحون في كل سباق يسعون للفوز الذي يتخطى به حزبهم حد الخمسين مقعدًا للأغلبية.
وخلال السباقات الجارية بهذه الولايات الأربع يبدو المرشحون الجمهوريون هم المفضلين أكثر، لكنهم كانوا أهدافًا رئيسية للديمقراطيين طوال هذه الدورة الانتخابية، وفقا لتقرير نشرته شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية.
وينقسم مجلس الشيوخ حاليًا بنسبة 50-50 بين الحزبين، وبافتراض فوز الجمهوريين بالسباقات في أوهايو وفلوريدا ونورث كارولينا ويسكونسن، بالإضافة إلى كل سباق آخر يفضلون الفوز به بشدة، فإنهم يحتاجون إلى الفوز باثنين من المقاعد الأربعة الحاسمة للسيطرة على مجلس الشيوخ أو أحد المقاعد الأربعة للحفاظ على تقسيم 50-50.
حرب الإعلانات وقودها 10 مليارات دولار
معارك أخرى سجلتها تلك الانتخابات، على مدار شهور مضت، فمشاهدة التلفاز في الولايات المتحدة تعني تصفح الكثير من الإعلانات السياسية، ومرشحين يهاجمون بعضهم بعضا.
وستستمر الإعلانات حتى يوم الانتخابات المنتظر، ما يعني أن إجمالي الإنفاق على الإعلانات سيزداد، بينما يرى خبراء أن الحجم الضخم للإعلانات يمكن أن يؤثر على السباقات المتقاربة في عدد من الولايات الحاسمة.
بل إن تقارير إعلامية أمريكية تحدثت عن إنفاق الجمهوريين والديمقراطيين حوالي 10 مليارات دولار حتى الآن على الإعلانات.
ولايات متأرجحة و"المترددون" أمل بايدن الأخير
استطلاعات الرأي الأمريكية كشفت عن أربع ولايات "متأرجحة" بين الجمهوريين والديمقراطيين، حيث لديهم رغبة في فوز المجموعة الأولى، لكنهم مع ذلك يفضلون مرشحي المجموعة الثانية.
ففي ثلاث من الولايات الأربع -أريزونا وجورجيا ونيفادا- قال أغلبية المشاركين إنهم يريدون من الجمهوريين السيطرة على مجلس الشيوخ. وفي الولاية الرابعة (بنسلفانيا) استجابت نسبة متساوية 46 %، لصالح الجمهوريين والديمقراطيين فيما يتعلق بالسيطرة على الغرفة العليا للكونغرس.
لكن في كل تلك السباقات في مجلس الشيوخ، كان المرشح الديمقراطي متقدمًا أو متساويا مع خصمه الجمهوري في الشعبية.
صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، اعتبرت أن الناخبين المترددين قد يكونون آخر أمل بايدن وحزبه الديمقراطي في مجلس الشيوخ ففي الوقت الذي لا يحب هؤلاء الناخبون الرئيس الديمقراطي فإنهم لا يكرهونه أيضًا.
وستلعب الانتخابات النصفية بلا شك دورا كبيرا في تحديد مصير الديمقراطيين الفترة المقبلة، خاصة أنها قبل نحو عامين من انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2024، لذلك أصبحت أكثر من مجرد إعادة توزيع لمقاعد الكونغرس.
أرقام مخيفة للديمقراطيين
تحليل آخر نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، قدم صورة قاتمة للغاية للديمقراطيين في ظل إشارات تحذيرية ترجح انتخابات نصفية "صعبة للغاية" عليهم، مقدمة 5 أرقام مقلقة لهم.
وأبرز هذه الأرقام المخيفة هو أن 42% من الناخبين المحتملين صوتوا لصالح تأييد بايدن ورجاله في هذا الاستطلاع، وفي نسبة أخرى اعتبر 61% أن الرئيس الديمقراطي لم يول اهتماما كافيا لأهم مشكلات الأمريكيين.
وللاطلاع على كافة الأرقام المقلقة للديمقراطيين:
لماذا يخسر حزب الرئيس دائما؟
ومن الأمور المثيرة والمعتادة في هذه الانتخابات ما يعرف بين الأمريكيين بـ"اللعنة النصفية"، والتي تبدو كتقليد اعتاد الناخبون بحجب أصواتهم عن حزب الرئيس.
مرارة تذوقها الجمهوريون بقيادة الرئيس جورج دبليو بوش عام 2006، كما تعرض الديمقراطيون في عهد الرئيس باراك أوباما لـ"نكسة" عام 2010.
أما في 2018، وفي عهد دونالد ترامب، دفن الجمهوريون تحت "الموجة الزرقاء". وترجح نتائج فيرجينيا ونيوجيرسي في سبتمبر/أيلول عام 2021، أن "الموجة الحمراء" قد تضرب ديمقراطيي جو بايدن عام 2022.
كفاح المصير المعتاد
انتخابات غير مسبوقة، على وصف تحليل لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، لكونها تجري في ظل وجود رئيس سابق (ترامب) يصر على سيناريو حرمانه من الفوز في انتخابات 2020 وآخر حالي (بايدن) أشار لترشحه لانتخابات 2024 صراحة.
ومع صدام بايدن - ترامب قدم الوضع السياسي لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس، صورة سلبية للديمقراطيين، وسط ميول ملحوظة بين الناخبين للدفع لسيطرة الجمهوريين المتحالفين مع دونالد ترامب.
لكن الديمقراطيين يدافعون بقوة لوقف الزحف الجمهوري عبر تسليط الضوء على قضايا مثل الإجهاض. وفي التحليل التالي التفاصيل الكاملة لصدام الطرفين:
هل ينجو بايدن من "البطة العرجاء"؟
واليوم مع وتزايد الحديث عن حظوظ وافرة للجمهوريين قد تمنحهم الأغلبية بالكونغرس، ترتفع مؤشرات الخوف من إعاقة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تمرير القوانين ووضعه بموقف "البطة العرجاء".
ففي ظل بدء العد العكسي للانتخابات النصفية، يعتقد مراقبون أن السلطة الموحدة التي تمتع بها الديمقراطيون الأمريكيون بالعام الماضي من خلال سيطرتهم على مجلسي الكونغرس والرئاسة، قد لا تستمر طويلا.
ويتوقع على نطاق واسع أن يفوز الجمهوريون بمجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي المقررة الثلاثاء القادم، بدافع من الإحباط العام لدى الأمريكيين حيال الاقتصاد، إلى جانب مزايا عملية إعادة تقسيم الدوائر التي تحدث مرة كل 10 سنوات.